المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 28/05/2013
بمناسبة اقتراب
الاحتفال السنوى بتنصيب رئيس الثورة الإسلامى الأول أردت الإشارة إلى حكاية
الكليشيهات لما تمثلها من متعة خاصة عندما يتعلق الأمر بتملق العقيدة , مثلا نحن
الشعب الوحيد الذى لقب نفسه بالمتدين كأول كليشيه فى التاريخ وأرجعه لجذوره
الفرعونية عندما عبد آمون ثم آتون وعاد لآمون كإله "فيفوريت" لايمكن
إغفاله , ثم آمن برسالة السيد المسيح عليه السلام وتحمل قسوة الرومان فى جلد وشموخ
, ثم آمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكان مركزا مهما ومنارة لنشر الدين عبر
العصور , ورغم ذلك فهو يمارس على نفسه أعتى درجات التصنيف العقائدى والتعصب
المذهبى ولايكفى حتى أن تكون مسلما لكى تكون مسلما فى أنظار العشيرة ممن لايكفون
عن تقييم إيمانك وكأنهم أعضاء لجنة تحكيم " أديان جوت تالنت " مثلا
ويتخيلون أنهم مسئولين عن دخولك الجنة أو احتجازك فى سقر .
وفى الشوارع لابد أن
تجد كليشيهات مؤمنة مثل "جزارة الأمانة" رغم أنهم ليسوا أمناء على
الإطلاق وغالبا ماتفاجأ أنك ابتعت كيلوجرام ونصف من الدهن من أصل كيلوجرام واحد
تخيلت أنه لحم صاف , لكن لابد أن يكون الإٍسم موحيا بالورع فذلك الجزار البسيط فهم
لغة التسويق فى مجتمعه المدعى بعبقرية .
أو "حلاق النجوم" الذى يستعمل "موس" واحد لكل عشرة رؤوس تقريبا , لكنه لاينسى أن يبدو تقيا بالكتابة على باب المحل "وجوه يومئذ ناعمة" فى استغلال صريح لمعانى الآية الكريمة . وهناك أنواع أخرى للاستخدام السياسى مثل الرئيس الاسلامى والملتحى وخادم الشريعة .
أو "حلاق النجوم" الذى يستعمل "موس" واحد لكل عشرة رؤوس تقريبا , لكنه لاينسى أن يبدو تقيا بالكتابة على باب المحل "وجوه يومئذ ناعمة" فى استغلال صريح لمعانى الآية الكريمة . وهناك أنواع أخرى للاستخدام السياسى مثل الرئيس الاسلامى والملتحى وخادم الشريعة .
الكليشيهات
تغرق كل شيء فى عالمنا ويمكن إرجاع الخلاف بين رفاق الميدان لاختلاف الكليشهات
الثورية عن نظيراتها التى تبدو اسلامية, فلايوجد أسباب حقيقية للخلاف لأن رئيس
الثورة خرج من وادى النطــ .. احم .. من الميدان . وبما أننا أشرنا للكليشيهات
الاسلامية فلابد من النظر للجانب الآخر كنوع من العدل . هناك كليشيهات من نوعية (
سلمية , ايد واحدة ) يصرون أنها حقيقية رغم أن كمية السجون التى اقتحمها الفصيل
الوطنى ورفيق الميدان وأعداد أقسام الشرطة المحترقة وحديثهم الإقصائى لكل من
خالفهم كفيلة لتصيبهم بالخرس, لكن المنطق لايجد له مكانا فى عالم أدمن الإدعاء .
ثم بسذاجة واستخفاف يطل عليك
كليشيه ( خالتك سلمية ماتت ) .. الله يرحمها , هل كانت خالتك سلمية على قيد الحياة أصلا ؟ ويقال أن خالتك سلمية مثل خالتك حرية وخالتك نزيهة وخالتك شعبية هى كائنات اسطورية عاشت فى غابات السراخس فى بدايات العصر الترياسى ثم انقرضت بعد ثورة فيلة الماموث التى قضت على مصادر غذائها تماما .
كليشيه ( خالتك سلمية ماتت ) .. الله يرحمها , هل كانت خالتك سلمية على قيد الحياة أصلا ؟ ويقال أن خالتك سلمية مثل خالتك حرية وخالتك نزيهة وخالتك شعبية هى كائنات اسطورية عاشت فى غابات السراخس فى بدايات العصر الترياسى ثم انقرضت بعد ثورة فيلة الماموث التى قضت على مصادر غذائها تماما .
لكن يأتى الكليشيه الثورى الأكثر استخداما ( دم
الشهيد ) كهولوكوست جديد لديه وكيل أعمال معتمد اسمه الثوار , فكل شيء أصبح لدم
الشهيد الحق فى أن يتدخل فيه حسب رؤية مدير أعماله , فلابد أن تقذف المولتوف على الممتلكات
العامة لأنك تنتقم لدم الشهيد , ساند تنظيم سرى مسلح يرعى الإرهاب فى انتخابات
تحدد شكل الدولة لأنهم قادرون على استعادة حق دم الشهيد , لاتستخدم عطر
"دانهل لندن" لأن دم الشهيد
ربما ينزعج من رائحته النفاذه, ولاتنسى أن دم الشهيد يحب أغانى
"اسكندريلا" التى كان يرقص على أنغامها مع خالتك رمزية فى الميدان.
ثم تأتى
كليشيهات المنظرين فيجلس أحدهم"بانجعاص" ليحدثك عن "علم
الثورات" الذى هو ماذا ؟ أو "الزخم الثورى" مثلا فهو من الكليشيهات
التى ترتبط بمواهب التأليف لدى كبار الثوار فكل منهم لديه حكاية تشير أن الزخم
الثورى ينتظر شرارة الانطلاق والدليل أن جميعهم لديهم نفس الحكاية الملفقة
والرديئة عن سائق التاكسى إياه , وكأن مصر بها سائق تاكسى واحد يعانى حالة متقدمة
من دوالى الزخم الثورى .
أما كليشيهات الرئاسة فلها مذاق مختلف تماما , بدأت
بالقميص الواقى رغم أنه كان يطل من تحت القميص الأزرق بشكله المميز لكن يمكنك
اعتباره "فانلة", ثم كليشيه حافظ القرآن وصلاة الجمعة التى توقفت فجأة بعد
خروجه المتكرر بـ "الشراب", ثم قيادة العملية نسر بنفسه لدرجة تجعلك
تشهق من فرط الانبهار لخبرته العسكرية المذهلة , ثم كليشيه القمح الذى تزيد كميته
فى كل خطاب لدرجه تسمح بتصدير الفائض لخمسين دولة فى عيد الحصاد القادم , وأهمها
على الإطلاق كليشيه "الرئيس" فربما لم يدرك أو لم يبلغوه أن هناك آخرون
يقومون بهذه المهمة .. بغرض المساعدة طبعا وليس شيئا آخر لاسمح الله .
K@ReeM
الاحتفالات والأهازيج مستمرة حتى اليوم الكبير .. وقد بدأت برئيس الثورة وستنتهى معه , لكن هذا لن يمنع أن تكون لنا محطات أخرى فى المنتصف لنتوقف عندها و ... مازال هناك متسع من الوقت قبل أن نكشف أوراق اللعب .