كل عام وأنتم بخير، عيد الأضحى
وأعياد أكتوبر وعدد أيام إجازات أقل! للقدر أسبابه دائما، لايهم. الجميع يبدو
مشغولا الآن إما بالتنظيف أو بإعداد الأضاحى للذبح أو بالتجهيز للسهرة الماجنة
التى تميزنا كمصريين بعد كل ليلة تعبد أو "ليلة مفترجة" كما نحب أن
نسميها. إنها ليلة الوقفة!
وبالحديث عن ليلة الوقفة يمكنك
إرجاع التسمية لأنها الليلة التي تسبق يوم الوقوف على عرفات، هذا مايضع لك تصورا
منطقيا للإسم. أما السؤال الكونى الذى لا إجابة له: لماذا نسمى ليلة عيد الفطر
بليلة الوقفة أيضا؟ لا يهم. هذا ليس موضوعنا من الأساس، أنا هنا لأكتب عن أشياء
أخطر بكثير من ذلك الترف الفكرى.
لقد التقطت طرف الأحجية من سيل
الاحتقان بين مؤيد ومعارض لما قد قيل عن لماذا نذبح؟ بعيدا عن أي معتقد دينى،
وبعيدا عن حاجتك للبروتين. لماذا نذبح؟ تخيل حياتك بلا لحوم مثلا؟ تذهب لتطلب
البيتزا وتستبدل شرائح "الببرونى" الشهية بقطع من "الكُرًات"
البلدى اللذيذ! أصل البيتزا نباتى وكل إضافة بروتينية هى اختراع قميء أساء لسمعة
المطبخ الإيطالى بالأساس. تمتع بالبيتزا على أصولها بلا اختراعات ودع البقر ينعم
بحياته دون الحاجة لنحره واستخدام عضلاته لصنع الببرونى! ثم تخيل الوقع التسويقى
لبيتزا الكُرًات بالأطراف المقرمشة! صدقنى ستنجح. لقد نجح الآيفون المعرض للثنى
فلم لا تنجح بيتزا الكُرًات؟
دعك من البيتزا. تخيل وجبة
الهمبورجر الخاصة بك وهى تحتوى على قرص من "كفتة البطاطس" الشهية بدلا
من شريحة اللحم البقرى الصافى! إن لها العديد من الفوائد منها أنك ستحصل على
بروتين أقل يقلل نسبة إصابتك بمرض "النقرس" كذلك ستقلل من كلفة الوجبة
"الكومبو" لأنها ستكون بلا بطاطس إضافية! صحتك أفضل لأنك تجنبت اللحوم
وقللت من نسبة الكوليسترول وأحماض اليوريا التي تؤثر على كليتيك، ووفرت مالا والحيوانات
تنعم بحياتها!
إن شهوتنا المفرطة تجاه اللحوم
تجعلنا نُخل بالاتزان البيئي فعلا! فلم نكتف بالثدييات فقط، بل اتجهنا للطيور في
سابقة مفجعة لكل صاحب ضمير إنسانى حى! نحن لا نعتق طائرا من نهم الالتهام والتلذذ
بمصمصة عظامه باستثناء الجوارح وطائر اللقلق لأنه غير متوفر في بيئتنا لحسن حظه.
وتتجلى بشاعة هذا النهم الجارف عندما يتفاخر أحدهم أنه يأكل الحمام مثلا! تخيل هذا
الطائر الوديع المسالم على مأدبة طعام؟ يا للقشعريرة! وتخيل أنهم يقدمونه لك مشويا
أو محشوا بالأرز أو الفريك؟ تخيل هذا الطائر رمز السلام يحمل في فمه غصن الزيتون
وقد عُقفت أرجله بوضع عكسى إلى داخل جسده مرة أخرى ويطير تتساقط من أحشائه حبات
الأرز بالخلطة! إنها جريمة كاملة.
لذا فقد قررت أن أتخذ القرار بأن
أصبح نباتيا! سأبدأ بنفسى لأحافظ على الاتزان البيئي. لكننى فكرت أيضا! أليست
النباتات كائنات حية هي الأخرى؟ ما ذنب حبة الطماطم وهى تحت رحمة سكين حاد يتفنن
في تقطيعها إلى جزيئات صغيرة لتناسب صناعة "التبولة"؟ ما ذنب أوراق
الملوخية وهى تتلوى ألما تحت نصل المخرطة؟
تخيل معى سادية الفلاح وهو يقطع
أعواد السبانخ الحبيبة من الأرض بشرشرته أو يقتلع القلقاس من الأرض بلا رحمة وكأنه
داعشى يهوى قطع الرؤوس؟ ألم يلفت نظره أنه بذلك التصرف الهمجى الدموى ينهى حياة
هذا النبات المسكين؟ لم يخطر بباله مدى الألم النفسى للزيتونة وهو يعتصر خلاياها
من أجل قطرات معدودات من الزيت ليتركها جثة شاحبة كضحايا مصاصى الدماء في قصص
الرعب؟
منذ متى والإنسان يحمل في داخله كل
هذه القسوة وكل هذا التعطش للدم والبطش؟ لابد من أن يصدر تشريعا بشكل سريع يجرم كل
أنواع القتل من أجل الأكل! لا ثدييات ولا طيور تُنحر من أجل اللحم، ولا نباتات
تُقتلع من أجل طبق سلطة قميء ونحرم جزيئات الكلوروفيل من عملية البناء الضوئى
وإنتاج الأوكسجين اللازم لاستكمال الحياة. ولابد من أن يتوجه علماء العالم لاختراع
طريقة ما تجعل البروتينات والفيتامينات والأملاح يتم استنشاقها وامتصاصها عبر
الرئتين. عندها يمكننا أن نعيش في رخاء إنسانى مثالى! لا أكل ولا قمامة ولا حتى
فضلات! وهو ما سينعكس على شتى مجالات الحياة! أنت لا تأكل فحين ستتزوج لن تضطر
لشراء الثلاجة مثلا!
لابد من أن نتغير وخاصة فى مصر!
مصر الجديدة بعد ثورتين أولهما مجيدة أو داليا تقريبا لا أذكر اسمها بالظبط فى
ديباجة الدستور لابد أن تتغير نظرة شعبها للبيئة المحيطة. ولنكتفى من القتل والنحر
والاقتلاع والتقطيع وكفانا اضمحلالا. علينا أن نتحضر ونسمو ونكف عن لعب دور
"الميديوكريتى" الذى لا يأبه بمواكبة الحضارة من حوله!