المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 26/03/2013
إن الجيل الذى صبر
على كابتن ماجد 64 حلقة وهو يركض داخل منطقة الست ياردات قبل أن يحرز الهدف فى
مرمى رعد لن يمل من وجود المجلس العسكرى وسيقاومه حتى يرحل .. هكذا يريد أن يبرهن
لك عبقرى أن ثورته مستمرة بأنه يستمد قوته من الملل ! يمكنك لو كنت من صناع القرار
تدمير قوته تماما بحرق كل أشرطة كابتن ماجد واستبدالها بالمحقق كونان مثلا وأنت
مستمر فى تحريك حاجبيك على سبيل الغيظ لترى من أين سيستمد قوته الجديدة ليقاوم . نوع
مبهر من العقليات لدرجة تجعلك مطمئنا على مسقبل أولادك بالفعل
لكن لنبق منصفين ,
هل هم فقط من يجعلوك تشهق من فرط الإنبهار ؟ يمرض زوج خالة مواطن فيقوم على الفور
بوصف بعض أقراص الفلوتاب أو الزانتاك ولا ينسى أن يأخذه على انفراد ليحثه على
اذابة قرص ترامادول فى كوب شاى , أما لو كان ضليعا فى الطب سيتلفت حوله قبل أن يخرج
له قطعة من الأفيون وهو يغمز بعينه تأكيدا على جودة الصنف .
دعنا نتعمق أكثر .. ألم
تلحظ ذلك الخيال الخصب الذى يستطيع منافسة عتاة مؤلفى الخيال العلمى ؟ راجع أحداث
محمد محمود لتجد رواية النشطاء أن الأمن كان يستهدف المتظاهرين بغاز الفوسفور - الذى
يحولك لكتلة من الفحم بمجرد تعرضك له بالمناسبة - وغاز أعصاب غير مرئى وبدون رائحة
ويقومون بتسريبه من فتحات المترو . العبقرية فى هذا السيناريو الرائع تكمن فى أن
تلك الغازات كانت تطلق فى محيط مناطق سكنية وهنا فشل العباقرة فى إيجاد حل لمعضلة
أن الغاز كان يستهدف المتظاهرين فقط ! ليبدو وكأنه معدل بطريقة الذكاء الصناعى
تجعله يتوغل فى جيوب المتظاهر الأنفية , بينما يفقد تأثيره تماما عند أنف مواطن
غير متظاهر .
ماذا عن مستوى الثقافة ؟ أعلم أهل الأرض بلا منازع , يقول أحدهم
صارخا فى وجه صاحبه الذى بدأ يفقد الأمل ألم تسمع ماذا قال الجبرتى عن مصر؟ يبتسم
محركا رأسه لانه عرف أن الجبرتى بالخبرة السماعية لن يقول حرفا مخجلا عن مصر , ولو
جاوبه بـ لا لكانت الصدمة لأنه استخدم نفس الأسلوب الذى اتبعه معه شخص آخر سأله
أيضا وهو يصرخ هل تعرف ماذا قال الجبرتى عن مصر ؟ فأطرق برأسه مبتسما لانه
بالادراك السماعى وبالإيحاء فى الموقف تأكد ان الجبرتى رجل ابن بلد لا يقول شيئا
مخجلا عن مصر , ويبقى السؤال .. ماذا قال الجبرتى فعلا ؟
يمكنك مراجعة ما قاله
الرئيس فى باكستان ليعكس لك حجم الفاجعة الثقافية ومستوى العلم الضحل . ولو شئت
الدقة تأكد أنهم لا يستحقوا ما هو أفضل . راجع نظرة من حولك لحقوق المواطنة أو لطريقة
حياتك أو لدخلك أو لوجهات نظرك وحبهم المرضى فى التدخل فى شئونك والوصاية عليك
ستجد أنك محاط بكم من الجهلاء المتفلسفين بشكل كثيف , أنت فى ناد للمتحذلقين حرفيا
وهذه النماذج تدمر الحياة بالفعل , الفاشى يحدثك عن التسامح وتقبل الآخر والقاتل
يروج لك فكرة الأمن والتافه يتهمك بالخنوع والرجعى يسوق لك مفهوم الحريات ! ولاحظ
أن جميعهم فى النهاية اشتركوا فى أن أقصى طموحاتهم تحققت فى ساكن الإتحادية اول كل
شيء فى الوجود منتخب فلابد أن تتيقن أن هذا ما يستحقوه فعلا . وللأسف تحتم عليك
مسئوليتك التاريخية وواجبك الانسانى تجاه أجيال قادمة يأبى ضميرك أن يخرجوا وسط
هذا العفن أن تتحمل كل ذلك وتقاومه ما استطعت .
فى الخارج يقرأون لأطفالهم
الكوميكس ليتقبلوا بعد ذلك أسماء بحجم جوركى وبرنارد شو وديكنز , كانت قصص الرجل
الوطواط على سبيل المثال هى البداية ليعرف قيمة الكتاب وأهمية الثقافة , أما هنا فقصص
الرجل الوطواط كانت مثار اعجاب الأطفال لأن ما تعلموه هو أن الرجل الوطواط لاتستطيع
الشرطة الإمساك به ويصرع عشرة رجال ويحطم أنوفهم بلكمة خماسية فينتهى به الأمر
ممسكا بزجاجة مولتوف فى مواجهة قوات الأمن . ولو سألت أحدهم عن أهم أعمال حافظ
ابراهيم أو يوسف ادريس ستكتشف أنهم فريقان كلاهما لا يعرف طبعا لكن فريق اتجه
لحرمانية ماتطرح والآخر يكتفى بالإشارة لأغان الشيخ إمام باعتبارها قمة ماتوصلت
إليه البشرية فى عالم الفنون .
وبالحديث عن الرجل الوطواط وتخفيفا لحدة الحديث فأنا
اعتقد - وهو احتمال يمكن نسفه - أن أطفال الإخوان لو كانوا يقرأون قصصه فجل ما سيلفت
أنظارهم هو العجوز ألفريد ذلك ( المرشد ) الناصح الصبور الذى يحاول أن يربى الرجل
الوطواط ليخدم رسالة ما , ومهما تقدم العمر بالرجل الوطواط يظل ألفريد المعلم
الأول والأخير ولايستطيع أن يتخذ قرارا بدونه ويطيعه طاعة عمياء .
K@ReeM