المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 19/03/2013
=========================
أمى الحبيبة ..
تعلمين أننى لا أجيد الكتابة عندما يتحتم علىً أخذ الأمور على محمل الجد , خاصة
وأنك تعرفين أننى أملك واقعى الخاص الذى يختلف عن واقع العقلاء بالكلية ..
اعتبرينى ابتلاء صبرك عليه يعطيه الأمل فى كل خطوة لأنك دائما هناك تهتمين به وتراعيه رغم جموحه
المتقد , لأنك دائما هناك تستوعبين كل حركة وكل طيش وكل جنون وكل صخب وكل لامبالاة
بصدر رحب وبتفان وبتقبل وبحب .. لأنك أمى أشعر أننى الشخص الأكثر حظا فى العالم .
كل يوم وانت بخير وليس فقط كل عام , ودعك ممن يحرمون الاحتفال بك لأنهم دائما
يخسرون فى معارك المنطق , الجنة تحت أقدامك ولن نشم لها عبقا إلا برضاك , فلا
تأخذى فى الاعتبار أى حديث من شخص حاز على ابتدائيته بصعوبة ولظروف غامضة وجد نفسه
واعظا ولأسباب مختلة ظن نفسه أنه فقيه أوتى من العلم كنوزا .
دعينا لاننجرف لتلك التفاهات فنحن نحتفل بك . أما بخصوص هديتك التى يود جميع من يقرؤون الآن معرفتها سأقطع عليهم حبل التمنيات قائلا ( موتوا بغيظكم ) أنا وأنت فقط نستطيع التفاوض حول هذا الأمر , لكن علىَ أن أقدم اعتذارا لأننى لست على هذا القدر من الغنى أو السلطة لكى أهديك تمثال خفرع المنحوت من حجر الديوريت مثلا لتزيين الصالون أو قناع توت عنخ آمون ليبدو النيش به بعض لمسات الترف والبهرجة , حتى المسلات بعيدة تماما عن قدراتى . لست مستثمرا قطريا لأفعل أو ( شاطرا ) بما فيه الكفاية .
قد يبدو الأمر بسيط جدا لو أردت اهداؤك تحفة أثرية قبل ان يقوموا بتأجير
آثارنا أو بيعها فكل ما سأفعله هو سحب
استمارات حزب الحرية والعدالة وتوجيه لسانى نحو الشعب وأبدأ فى سرد المعلقات
المعتادة والموحلة فى السفه أنهم لايقدرون أن رئيسنا ملتح ولا أنه يحفظ القرآن ولا
يبالون بدموعه التى تبلل جميع وسائد قصر الإتحادية من الخوف على مصير الأمة , لا
بد أن نترك لرجاله الفرصة فى فقأ عيون الجميع لنكون جميعا فى بصيرتهم وأن نسمح لهم
باستبدال كل كرسى وكل مفرش وكل لامؤاخذه بأشياء تحمل شعاراتهم لأنهم جاؤوا
بالصناديق . فحين انضمامى لجوقة المنافقين تكون كل حركة منهم تستحق الثناء وكل
خزعبلاتهم ماهى إلا مخاض لعبقرية وليدة ظلت حبيسة جدران وادى النطرون والعقرب
لعقود .
مليارات لصوص النظام ومناجم الذهب واليورانيوم ورمال السيليكون ومليارات
المستثمرين كلها قادمة أنتم فقط اللذين تستعجلون النغنغة والحياة الرغداء .
أو
ربما أظل مواليا كما أنا لكن بتغيير طريقتى فى النفاق وألعب دور المعارض الحريص
على المشروع الإسلامى , سأقوم بحلق سكسوكتى العزيزة لاستبدلها بلحية عملاقة وكل ما
سأفعله هو التأكيد على أن الحكومة تسير بخطى متعثرة وأن يد النظام رخوة بالفعل لكن
هذا لا يجب أن ينسينا أن الخروج على الحاكم حرام طالما بايعناه , الإعلام الذى
يهاجم الرئيس حرام كذلك - الإعلام أصلا حرام - لكن درء المفاسد مقدم على جلب
المنافع فلا بأس من أن يكون لدينا إعلام بديل يفضح التأمر والعمالة ورائحة الكوسة
التى تلوح فى الأفق متجاهلا حقيقة أن رائحة الكوسة تشم ولا يمكن أن نراها , الخروج
فى المظاهرات حرام لكن علينا أن نثبت ولاؤنا واعترافنا بشرعية النظام فى مظاهرات ,
محشى الباذنجان أيضا حرام لما يحمله من تشبيهات بذيئة , لكن لو كان ولى الأمر يحب
محشى الباذنجان فلا بأس لأنه يعرف ما نجهله بالطبع حتى وان كلفنا الأمر الزحف
بمليونية مكونة من 21 شخص تحت اسم محشى الباذنجان والشريعة .
لو فعلت كل ذلك سأضمن مكانة قريبة جدا من أصحاب النفوذ ولكن برغم كل شيء لن أضمن لك هدية أثرية لائقة وكل ما سأحصل عليه هو تمثال لقط "الماو" بحجم "ماج" النسكافيه يمكننا أن نضعه بجوار المنبه عتيق الطراز فوق الكومودينو . لكننى أعرف أنك لن تقبلى بذلك , ولو فعلت لكلفنى ذلك غضبك الشديد , وأطمئنك أننى لن أفعل لأننى تعلمت كيف أكون محبا للوطن منك . وهو ما لايفهمه أبناء السمع والطاعة لأنهم نشأوا وسط منظومة للتفريخ ولم يكترث أحد قط بتعليمهم أى شيء أو إعلاء أية قيمة باستثناء الولاء لمرشد أو أمير أو شيخ . أدام الله نعمة دعائك , وأدام نعمة وجودك بجانبى .. وبمناسبة هذا الكلام الكبير فأنا فى انتظار عزومة ( الوز المحمر ) حينما أعود . الوز المحمر رشوة لن يعاقبنى عليها النائب العام فى جهاز الكسب غير المشروع , إلا لو كان النظام لديه من ( الطفاسة ) مايجعله يحقد على وجبتى المتواضعة .
K@ReeM
No comments:
Post a Comment