المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 09/04/2013
على الرغم من أن
مايربط بيننا مازال عالقا فى أحلامى فلا يقلل ذلك من كونها أقرب لواقعى ممن هم قريبون
بالفعل , أعرف صوتها و إن لم أسمعه وأنتظر إطلالتها رغم أننى لا أعرف لها موعدا ,
صوت ضحكاتها أصبح مألوفا وكأن خيالى رسم لها موجتها الخاصة فلا تحيد عنها ولا
تتغير , أعرف أن لها ذلك الوجه الذى ما ان تراه فتبتسم , جاذبيتها تتلخص فى أنها
هى فقط .. فلا تستطيع أن تجد من تشبهها إطلاقا . هى من ذلك النوع الذى يتداخل معك
لتحجز لها مكانا خاصا فى عالمك , وتترك في داخلك فراغا لا يملؤه سواها . تشعرك
بنوع من الألفة لاتجده إلا فيمن هم منك . وقد آثرت أن أكون مختصرا تاركا المعنى ليكون
أكثر عمقا مما تبدو عليه الكلمات . فهى من ذلك النوع الراق الذى لاتكفيه الكلمات ,
وهى مهما كثرت فلابد من أن تتوقف خاصة لو كنت مثلى تكتب عن شيء ليس له وجود من
الأساس ! فالكتابة عن الحب شيء ممتع وسلس ويمكنك تعبئة عشرات النماذج لأنه شيء
يعجب القارئ ولايكلفك عناء البحث عن أفكار غير مستهلكة للتقديم , أما واقعيا فعندما
تكون فى حالة من الحب لن تحتاج لقول كل هذه الأشياء وأن تجعل آذان من تحب تتضخم لتصبح
فى حجم أذن الفيل من كثرة الإطراء .. لكنها الحاجه الملحة لأن تبدو كما تدعى .
وبالتطابق
مع العالم الذى تعيش فيه فهو عالم أدمن الإدعاء فى كل شيء . مواقع التواصل
الإجتماعى عالم زاخر بالمدعين فالكثير يضعون صورة جيفارا وبالمناسبة هم من ذلك
النوع الذى يعتقد أنه كوبى واسمه تشى جيفارا على غرار تشى ابراهيم جيفارا السلحدار
, هو منبهر بنظرة جيفارا للأفق وسيجاره الكوبى وقبعته العسكرية , وللمفارقات أن كل
من يهيمون بجيفارا من محبى العظيم عبدالناصر وهو كما نعلم كان قائد عسكرى , لكنك
تجد وصفه لنفسه أنه ضد حكم العسكر باعتبار أن جيفارا كان أخصائى التدليك فى نادى
السنبلاوين أو أن عبدالناصر كان وكيل أول وزارة البيئة !
أما عن أدب المدعين فله طابعه الخاص , هناك ذلك
النوع الذى يقدم لك أدب قائم على المصطلحات وكل أديب مخضرم وله إرهاصاته طبعا ,
فهناك إرهاصات تعبر عن حقبة البروليتاريا وإرهاصات تعبرعن عصر التطور الديماجوجى ,
المهم أن يكون لديه من المصطلحات مايكفيه لتسويد مئات الصفحات . وهناك نوع آخر من
أدباء العبارات الجوفاء , عبارات تجدها على أى جدار وفى كل ثقب على الانترنت على
غرار "أتدحرج عبر ممرات اليأس " أو "ارقصى مرتدية قبعة القدر"
كما أنهم يعتقدون أن إضافة كلمة (الـ لا ) قبل كل كلمة تضفى عليها العمق بشكل ما
مثل اللاجدوى واللامعنى واللاحياة , وجميعهم يعشقون التصوير وهم ينظرون إلى الفراغ
وكأنهم متأملون فى الملكوت , دقق أنت فى طرف الصورة ستجد جزء ظاهر من قميصه أو ظل لذراعه
لتكتشف أنه هو من قام بتصوير نفسه .
انظر إلى المجتمع ككل تجد من يدعون الدين
يحكمون شعب معظمه يدعى التدين أيضا وفى وسطهم
يظهر (العقلانيون) الذين يؤكدون أنهم
فى منأى عن كل تلك التفاهات لأن العقل هو السيد والدين ليس إلا مجرد وهم اخترعه
البشر للتحكم فى الآخرين , لكنهم بذكاء يحسدون عليه يروجون لعقلانيتهم من خلال
تصرفات المدعين . راجع مواقف بعض من يرون أن يناير لم يجلب إلا الخراب - وهو كذلك
بالفعل - لكنهم بشكل ما يسبحون مع نفس التيار الذى يكرهونه كراهية الموت ! تحدثه
عن عدم جدوى مايفعله فيؤكد أنه يرغب فى تصحيح المسار الذى هو ضده فى الأصل ! لقد
أعجبته لعبة تدفق الأدرينالين وقرر أن يجرب . هناك دائما هؤلاء المستائين من فكرة
تقديس الأشخاص ويملأون الفراغ سخرية من الإخوان أو من مؤيدى أبو اسماعيل , قم أنت
بانتقاد البرادعى أو الثناء على موقف لمبارك ستجد نفس الشخص المستاء يمارس نفس الفكرة
التى ملأء الفراغ سخرية منها . لكن نصيحتى ألا تحاول التخلص منهم فهم يقدمون لك
تسلية حقيقية وسط هذا العالم المفعم بالكآبة , نوع من التسلية قائم على تقديم كل
شيء وضده بشكل يجعلك تتمنى لو ساقت لك الحياة المزيد منهم على سبيل الاستمتاع
وبطريقة تدفعك لأن تقول لمن يغضب منهم : خليهم يتسلوا .
K@ReeM
وماذا بعد الإخوان ؟ هل سألت نفسك هذا السؤال من قبل ؟ انتظر لأنها حكاية أخرى ..
No comments:
Post a Comment