Tuesday, October 9, 2012

مائة يوم من النهضة





 من الرائع أن ترى كلماتك تفوح منها رائحة الحبر , لذا وجب توجيه الشكر لمن أتاح لى هذه الفرصة من جديد .. خالص الشكر للأستاذة أمانى العقاد على هذه الثقة 

المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى الصادرة بتاريخ 8 أكتوبر 2012

========================================






مائة يوم من النهضة

لا أعرف من أين أبدأ , الكلمات لا تخرج كما أريد منها أن تفعل , ودموعى تتسابق لتشق طريقها فى الهبوط , إن الأمر جلل بحق , لقد اجتزنا أول مائة يوم من عهد جناب الجاه الاعظم الرئيس محمد مرسى . لنكن صرحاء , لقد اجتزنا مرحلة أن يقوم الناس بنفاق الحكام , ولقد عودنا الأب والصديق والرئيس محمد مرسى ألا نفعل ذلك , لقد تعودنا أن نقومه ان اخطأ ونشجعه حين يصيب ولهذا لن يكون حديثى نفاقا عندما أقول أن ماحدث فى المائة يوم أعظم من كل ماحدث لمصر فى تاريخها الحديث , لا تحدثنى عن طرد الإنجليز لأن انجازات المائة يوم تتفوق , لا تحدثنى عن أكتوبر لأن المائة أضاف للعبور أفاقا جديدة , المائة يوم هو فخر المصريين المطلق , كيف ؟ أشم رائحتك أيها المتعجرف , أنت لا ترى أى انجاز لأنك من الفلول العبيد لاعقى البيادات , سأتحدث باختصار عن انجازات المائة يوم لتشاركونى السعادة .

لن أتكلم عن المانجو لأن السيد الرئيس جناب الجاه الأعظم الذى لا يسمح لأحد بنفاقه تكلم عن ذلك وكيف صرنا من تلك الدول القليلة التى لديها فائض من المحصول , ولن اتكلم عن ارتفاع منسوب النيل لان من المعروف تاريخيا أن ( الخير على قدوم الواردين ) , ولا عن الطقس الذى بدأ فى الاعتدال ,
سأروى لكم ما رأيت بنفسى .

لقد اختفت القمامة من الشوارع نهائيا وأصبح أمام كل بيت صندوق عملاق مزركش بالرسوم المبهجة لابتلاع القاذورات , وعندما يهم مواطن من الفلول الهمجيين الذين يحاولون افشال السيد الرئيس برمى كانز البيبسى الفارغ يتم تحويله للتحقيق فورا واصبحت أسطح منازل الشرابية والدويقة مزارا سياحيا بعد تجربة الأسطح المزهرة وتحول أهالى المناطق الى مليونيرات بسبب تجارة الزهور والعطور .

 لم يعد هناك تزدحام مرورى خانق , هنالك عند كل ناصية وفى كل ميدان عسكرى مرور مهيب بزيه الأسود وقبعته الذهبية اللامعة يقوم بتنظيم الحركة وما يجعل مهمته غاية فـ السهولة أن الجميع متعاونون لكى ينجح مخطط السيد الرئيس بالقضاء على الاختناق المرورى ونجح , ناهيك ان السيد الرئيس قام باعتماد اختراع مصرى لتسيير المركبات بالمياه وقام بتعميم التجربة فى الشوارع لتصبح مصر أول دولة تقوم بشيء استثنائى فى مجال الطاقة بالاضافة للقضاء على مشكلة المحروقات , أما عن غاز البوتجاز فقد أصبح رمزا للحقبة الغابرة بعد ان اعتمد الرئيس اختراع آخر وتعميمه وهى الأطباق ذاتية الطهى والشواء فماعليك الا أن تضع مقادير الطبخة و ( تظبط التايمر ) دون الحاجة لأى مجهود آخر .

لقد تحسنت صحة المصريين وازداد متوسط عمر المصرى لـ 250 سنة , كانت فكرة العلاج بالتقطير الاشعاعى الذى اخترعها طبيب اخوانى شاب كان يعانى من الاضطهاد فى عهد المخلوع نموذجا ألهب عبقريات الطب فى العالم , جهاز بسيط وغير مكلف وكل ماعليك ببساطة ان ( تبص للعصفورة ) فى الجهاز وهو يعمل تلقائيا بتعديل جيناتك وكروموسوماتك , لقد اختفى جين الصلع نهائيا ولم يعد الرجال ينظرون فى المرآة فى ذعر , تم توسيع الجيوب الأنفية للشعب لتفادى المشاكل الزوجية الناتجة عن التشخير , اما عن الزوجات فقد قدم لهم مشروع المائة يوم حلم الأحلام , هدية زفاف المصرية روبوت يعمل بشرائح الماشروم ,, احم عفوا بشرائح النانوميكرو ليقوم بكافة الأعباء المنزلية وتتفرغين ياحلوتى لشريك الحياة .

التعليم تطور بشكل ملفت للنظر , فلم يعد الطالب بحاجة للذهاب للمدرسة ولم يعد ولى الأمر مضطرا لتحمل أعباء الكشاكيل والأقلام والبراجل وهذا الهراء بالاضافة لأعباء الدروس الخصوصية , فقد قدم مشروع المائة يوم الحل السحرى باعتماد التعليم عن طريق الهولوجرام , ضغطة زر ويقوم آينشتين بتعليمك أصول الفيزياء , ضغطة زر يقوم الشيخ وجدى غنيم بتعليمك أصول الفقه , طفرة حقيقية لا تحتاج للجدال ولا ينكرها الا جاحد أو مغيب أو فلول كما نعرف جميعا .

الاقتصاد أصبح ينافس اقتصاد الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مجتمعين , هذا بفضل مجهودات عظمة جناب الجاه الاعظم السيد الرئيس محمد مرسى الذى لا أضطر لنفاقه عندما أصر رغم كل الضغوط والعراقيل أن يعيد ثرواتنا المنهوبة التى بلغت أرقاما خيالية منها أرصدة بنوك سويسرا فقط التى تبلغ 48965 تريليار دولار , هذه الأموال كانت كفيلة لسد عجز الموازنة الحالى وتطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 50 الف جنيه  شهريا , أصبح متوسط دخل الفرد السنوى يوازى ميزانية دولة نامية .
وبرغم كل تلك الانجازات فى 100 يوم فقط يأبى الحاقدون والمغيبون والكارهون لفخامة الرأس الأعلى وجناب الجاه الأعظم السيد الرئيس محمد مرسى ويتهمونه بأخونة الدولة , أى أخونة ونحن انتقلنا من مرحلة الدولة النامية المستدينة إلى الأقتصاد الأقوى على مستوى العالم فى مائة يوم فقط ؟ صمتا اذا ودعوا الشعب يفخر برئيسه الملهم .

سأضطر لأنهى كتابة انجازات المائة يوم لأن هناك شخصان سخيفان يقفان عند باب الغرفة
يحملان ( روب دى شامبر ) أبيض اللون ولا يتوقف أحدهم عن النظر لى نظرة سخيفة وهو يقول :

هنجوزك هنومه ياقناوى .

لو كان العنوان قد تسبب فى شعور محبى الرائع ماركيز بالألم فأنا أعتذر , لم اقصد أى اهانة على الاطلاق .

===================

لا داع لذكر أن جميع الحقوق محفوظة , فهى قاعدة بدأت الملل منها فعلا .

K@ReeM

Monday, October 1, 2012

المواطــن س




أنا المواطن / س

مصرى الجنسية , أب , لا أملك حسابا بنكيا ممتلئا يضمن لى حياة كريمة لو فقدت عملى , ولم يكن راتبى يكفينى قبل أن أفقد عملى فعلا بسبب الظروف الاقتصادية .
أنا من أولئك اللذين اعتنقوا هتافات العدالة الاجتماعية وحركة كفاية منذ العام 2008 وغامرت بعملى فى اعتصام مجلس الشعب 2010 حين تحدينا كل الظروف المحيطة من أمن وتضييق وغلاء وارتفاع الأسعار الفاحش , لم أكن لأخاف لأننى كنت أعلم أننى على حق وأننى صاحب حق أيضا , فكيف يطلب منى وأنا العامل البسيط وبالمناسبة الذى يحمل شهادة جامعية أن أصبر على وضع مادى لا يكفى بامبرز أصغر أطفالى لمدة شهر ؟ 
الى أن جاء يناير2011 , كنت من أولئك اللذين يتظاهرون فى النهار وأعود لبيتى مع هبوط الليل لحراسة منزلى وأطفالى تاركا الميدان لكاميرات التلفزيون وكبار الشخصيات التى كانت تأتى لالتقاط الصور والرحيل , كان الوطن والبيت أهم من أن أظهر رافعا علامة النصر أمام الكاميرات واهم من أن يصورونى بعلبة كشرى ليثبتوا للعالم أننا لا نأكل الكنتاكى , كنت أعبر عن ضعفى وضيق ذات يدى فقط وكان كلى أمل أن يستمع إلينا من هم فى القيادة ولو لمرة واحدة .

ومع خطاب مبارك الثانى أحسست بجدوى مافعلناه لكن هناك من رأوا انه لابد أن يرحل , لم يكن الأمر بتلك الاهمية بالنسبة لى ان يبقى أو يرحل لان رسالتى كانت واضحة أريد أن أعيش حياة كريمة وان البى طلبات اطفالى دون اى شعور بالعبء , فمن حقه أن يكون له ملابس جديدة فى الأعياد ومن حقه أن يحظى بتعليم جيد , لكن هناك من رأو انه لابد أن يرحل وأعلنوا التصعيد , ومع التصعيد بدأ صوت من هم مثلى يخفت ويختفى حتى تلاشى تماما من الساحة , وأصبح الصراع قاصرا على تولى دفة القيادة وأيهم يرسم الطريق الصحيح , لم أعد أنا ومن هم فى حالتى محور الاهتمام ومع الوقت بدأت أفهم اننا كنا طعما رمى بنفسه فى سذاجة وغباء فى شباك المتاجرين بالأحلام , لقد صوت بنعم فى التعديلات الدستورية لأننى أثق فى قواتى المسلحة وقدرتها على القيادة وليس لأننى أريد دخول الجنة فالدين لا يجبرنا على التصويت لدخول الجنة ونعرف منذ كنا صغارا ان الجنة نتيجة للعمل الصالح وليس التصويت , كما كان يشعرنى بالاشمئزاز ابتزازى بدماء الضحايا والمصابين لكى أقول لا , وكأن هناك من أصبح يملك حق التجارة بالدم ومع ذلك هناك من اتهمنى بالسطحية والغباء وهناك من طالب بحرمانى من حق التصويت لأن الفقراء خطر على البلاد وكأننا وباء أو خيل لهم أننا نبيع كرامتنا من أجل وجبة ما , ابتعدت عن الساحة بارادتى فقالوا عنى أننى من السلبيين أرباب الكنب , وعندما كانت الفوضى فى سبيلها للانفلات قلت أن الوطن لن يحتمل , فقالوا أننى من الفلول وعبيد العسكر , فالثورة فى  نظرهم أن تكون فوضويا رافضا لكل شي والا تصبح من الفلول والخانعين 



تأتى الحكومة فلا تنظر لى وترحل لتأتى حكومة أخرى لاتنظرى لى ايضا  لانشغالها بفض النزاعات السياسية ومحاولة انقاذ البلاد من حافة الافلاس , ومجلس الشعب الذى ظنناه طوقا لم يهتم الا بسحب الاموال والادوية على سبيل السلف وبمحاربة من كانوا يحاولون ايهامنا انهم من الفاسدين حتى تم حله , وتأتى الانتخابات الرئاسية لأعود لدائرة الاهتمام ولكن بشكل مخز , انا ضيق اليد لكنى لست متسولا كى أبيع عقلى بالتموين ,
 واللعبة باتت كقديمتها تتاجر بالأعصاب والعقول , والحرب بين الثورة والفلول .

لينجح من ينجح , أنا أريد أن أشعر أننى أتحسن , كنت انتظر الفائز أيا من كان ليثبت لى ومن هم مثلى أن هناك شيئا يتغير ولو ببطء , لكن شيئا لم يحدث , لدرجه تشعرك أن عاما ونصف مروا هباءا اللهم الا من أجل أن يعتلى فريق ما للحكم , نفس السياسات , نفس الطباع , نفس طريقة التصرف , يقول الوزير اننا على حافة الافلاس ومع ذلك موكبه يتكلف اضعاف مرتبى يوميا ولكنى لابد وان اتحمل حتى لو اقتربت انا من حافة التسول , لايهم , المهم ان تبدو الحكومة حكومة ثورية والرئيس رئيس ثورى وان مائة يوم من الاستهبال وتغيير اسماء المشاريع القديمة لتبدو وكأنها ضمن انجازات الرئيس كفيلة بخداعى , لست على هذا القدر من البلاهة ولست من المغفلين لابتلاع هذا الطعم , الحكومة برأسها الأكبر والأصغر يحاولون استرضاء من توقفت بهم الحياة عند هتاف يسقط العسكر واستمالة المعارضين , لابد أن يكون سقف الوهم يتسع لكى نقف تحته جميعا لنشهق بالاعجاب للقائد الجديد ..

لم يتغير شيء ويبدو أنه لن يتغير الآن على الأقل , ويبدو أننى توهمت ان الوقوف فى الميدان كفيل بتحسين أوضاعى , انتهت الثورة وانتهى اصحاب الهتافات من صخبهم وعادت المواكب والحراسات وعادت الجرائد تتملق أحذية السلطة وعاد الاعلام يتحسس كلماته .
فلا خبزا أكلنا ولا عدالة تحققت ولا حرية انتزعت , تغيرت الوجوه وبقيت كما أنا .



أنا المواطن / س


مصرى الجنسية , أب تعدى مرحلة الإفلاس , لم يعد يهتم لا بثورة ولا بأنطاع سموا انفسهم ثوارا , وسيقاتل من أجل أطفاله وحقهم فى حياة بعيدة عن حافة البؤس والشقاء على الأقل , أعلم أن هناك الكثيرين مثلى وأعلم أن الزمن لايشير للعام 2012 الآن , يبدوا لي وكأننا فى 2008 من جديد .


K@ReeM