Friday, October 3, 2014

الأسفلت الدامى! .. إنسانية فى خطر




كل عام وأنتم بخير، عيد الأضحى وأعياد أكتوبر وعدد أيام إجازات أقل! للقدر أسبابه دائما، لايهم. الجميع يبدو مشغولا الآن إما بالتنظيف أو بإعداد الأضاحى للذبح أو بالتجهيز للسهرة الماجنة التى تميزنا كمصريين بعد كل ليلة تعبد أو "ليلة مفترجة" كما نحب أن نسميها. إنها ليلة الوقفة!

وبالحديث عن ليلة الوقفة يمكنك إرجاع التسمية لأنها الليلة التي تسبق يوم الوقوف على عرفات، هذا مايضع لك تصورا منطقيا للإسم. أما السؤال الكونى الذى لا إجابة له: لماذا نسمى ليلة عيد الفطر بليلة الوقفة أيضا؟ لا يهم. هذا ليس موضوعنا من الأساس، أنا هنا لأكتب عن أشياء أخطر بكثير من ذلك الترف الفكرى.

لقد التقطت طرف الأحجية من سيل الاحتقان بين مؤيد ومعارض لما قد قيل عن لماذا نذبح؟ بعيدا عن أي معتقد دينى، وبعيدا عن حاجتك للبروتين. لماذا نذبح؟ تخيل حياتك بلا لحوم مثلا؟ تذهب لتطلب البيتزا وتستبدل شرائح "الببرونى" الشهية بقطع من "الكُرًات" البلدى اللذيذ! أصل البيتزا نباتى وكل إضافة بروتينية هى اختراع قميء أساء لسمعة المطبخ الإيطالى بالأساس. تمتع بالبيتزا على أصولها بلا اختراعات ودع البقر ينعم بحياته دون الحاجة لنحره واستخدام عضلاته لصنع الببرونى! ثم تخيل الوقع التسويقى لبيتزا الكُرًات بالأطراف المقرمشة! صدقنى ستنجح. لقد نجح الآيفون المعرض للثنى فلم لا تنجح بيتزا الكُرًات؟

دعك من البيتزا. تخيل وجبة الهمبورجر الخاصة بك وهى تحتوى على قرص من "كفتة البطاطس" الشهية بدلا من شريحة اللحم البقرى الصافى! إن لها العديد من الفوائد منها أنك ستحصل على بروتين أقل يقلل نسبة إصابتك بمرض "النقرس" كذلك ستقلل من كلفة الوجبة "الكومبو" لأنها ستكون بلا بطاطس إضافية! صحتك أفضل لأنك تجنبت اللحوم وقللت من نسبة الكوليسترول وأحماض اليوريا التي تؤثر على كليتيك، ووفرت مالا والحيوانات تنعم بحياتها!

إن شهوتنا المفرطة تجاه اللحوم تجعلنا نُخل بالاتزان البيئي فعلا! فلم نكتف بالثدييات فقط، بل اتجهنا للطيور في سابقة مفجعة لكل صاحب ضمير إنسانى حى! نحن لا نعتق طائرا من نهم الالتهام والتلذذ بمصمصة عظامه باستثناء الجوارح وطائر اللقلق لأنه غير متوفر في بيئتنا لحسن حظه. وتتجلى بشاعة هذا النهم الجارف عندما يتفاخر أحدهم أنه يأكل الحمام مثلا! تخيل هذا الطائر الوديع المسالم على مأدبة طعام؟ يا للقشعريرة! وتخيل أنهم يقدمونه لك مشويا أو محشوا بالأرز أو الفريك؟ تخيل هذا الطائر رمز السلام يحمل في فمه غصن الزيتون وقد عُقفت أرجله بوضع عكسى إلى داخل جسده مرة أخرى ويطير تتساقط من أحشائه حبات الأرز بالخلطة! إنها جريمة كاملة.

لذا فقد قررت أن أتخذ القرار بأن أصبح نباتيا! سأبدأ بنفسى لأحافظ على الاتزان البيئي. لكننى فكرت أيضا! أليست النباتات كائنات حية هي الأخرى؟ ما ذنب حبة الطماطم وهى تحت رحمة سكين حاد يتفنن في تقطيعها إلى جزيئات صغيرة لتناسب صناعة "التبولة"؟ ما ذنب أوراق الملوخية وهى تتلوى ألما تحت نصل المخرطة؟
تخيل معى سادية الفلاح وهو يقطع أعواد السبانخ الحبيبة من الأرض بشرشرته أو يقتلع القلقاس من الأرض بلا رحمة وكأنه داعشى يهوى قطع الرؤوس؟ ألم يلفت نظره أنه بذلك التصرف الهمجى الدموى ينهى حياة هذا النبات المسكين؟ لم يخطر بباله مدى الألم النفسى للزيتونة وهو يعتصر خلاياها من أجل قطرات معدودات من الزيت ليتركها جثة شاحبة كضحايا مصاصى الدماء في قصص الرعب؟

منذ متى والإنسان يحمل في داخله كل هذه القسوة وكل هذا التعطش للدم والبطش؟ لابد من أن يصدر تشريعا بشكل سريع يجرم كل أنواع القتل من أجل الأكل! لا ثدييات ولا طيور تُنحر من أجل اللحم، ولا نباتات تُقتلع من أجل طبق سلطة قميء ونحرم جزيئات الكلوروفيل من عملية البناء الضوئى وإنتاج الأوكسجين اللازم لاستكمال الحياة. ولابد من أن يتوجه علماء العالم لاختراع طريقة ما تجعل البروتينات والفيتامينات والأملاح يتم استنشاقها وامتصاصها عبر الرئتين. عندها يمكننا أن نعيش في رخاء إنسانى مثالى! لا أكل ولا قمامة ولا حتى فضلات! وهو ما سينعكس على شتى مجالات الحياة! أنت لا تأكل فحين ستتزوج لن تضطر لشراء الثلاجة مثلا!

لابد من أن نتغير وخاصة فى مصر! مصر الجديدة بعد ثورتين أولهما مجيدة أو داليا تقريبا لا أذكر اسمها بالظبط فى ديباجة الدستور لابد أن تتغير نظرة شعبها للبيئة المحيطة. ولنكتفى من القتل والنحر والاقتلاع والتقطيع وكفانا اضمحلالا. علينا أن نتحضر ونسمو ونكف عن لعب دور "الميديوكريتى" الذى لا يأبه بمواكبة الحضارة من حوله!





Tuesday, April 29, 2014

ماذا حدث للمشير السيسى ؟! .. مقال لعلاء الأسوانى .. SOLO Version





استيقظ المشير عبدالفتاح السيسى فى الخامسة صباحا كعادته. استحم وتوضأ ثم ارتدى ملابسه. كان يحس ببعض الإرهاق من كثرة المقابلات التى أجراها فى اليوم السابق. صلى المشير ركعتى السنة ثم ركعتى الفريضة ثم راح يتلو القرآن بصوت خفيض وهو جالس لم يزل على سجادة الصلاة. أحس المشير براحة وهو يتأمل فى معانى الآيات الكريمة، وفجأة سمع صوتا مدويا وكأن شيئا ثقيلا قد ارتطم بالأرض. نحّى المشير القرآن جانبا وقفز بخفة وقد أمسك بيده اليمنى الطبنجة التى لا تفارقه، تقدم بحذر نحو مصدر الصوت. كانت حجرته متسعة يفصلها عن بقية البيت ممر داخلى قصير، تفقده المشير بعناية فلم يجد شيئا غريبا. «ربما يكون الإرهاق هو ما جعلنى أتخيل صوت الارتطام».. هكذا قال المشير لنفسه ثم عاد إلى جلسته الأولى ووضع الطبنجة بجواره واستأنف تلاوة القرآن لكنه سرعان ما سمع صوتا ثانيا كان هذه المرة أشبه باندفاع بخار محبوس.. هب المشير واقفا وتطلع نحو الممر فلم يصدق عينيه. كان الممر محجوبا تماما بغيمة بيضاء كبيرة بدت وكأنها بخار كثيف ولم يلبث أن رأى جسما يخرج من الغيمة البيضاء ويتقدم نحوه. شيئا فشيئا استطاع أن يميز شابا يرتدى بدلة شركسكين بيضاء ورابطة عنق رفيعة زرقاء على طراز الستينيات، خيل للمشير أنه رآه من قبل ولمّا ظهر وجهه فى الضوء صارت المفاجأة أكثر من طاقة المشير فوقف مذهولا، لكن الرجل ابتسم وبادره قائلا
: أنا جمال عبدالناصر ! 

لم يصدق المشير نفسه من هول المفاجأة التي أطاحت برصناته المعهودة وقال له بترحاب بالغ : ايه ده ! بجد انا مش مصدق نفسى ؟! والختمة الشريفة ما مصدق عنيا , منور يازعيم ! نزلت من العالم الآخر ازاى طيب ؟

قال له عبدالناصر وقد بدت عليه ملامح الإرهاق : بوابة التلاشى الزمنية نزلتنى على أول المحور وخدت ميكروباص , اتبهدلت ياسيسى ! على أيامى كانت المواصلات العامة احسن من كده بكتير !

قال له السيسى محاولا تخفيف وطأة المفاجأة التي ألمت بالزعيم : ولايهمك يابرنس المهم انك بخير وتوجه نحوه لمعانقته لكنه تفاجأ أنه يعانق سراب ! وهى لقطة تذكرنا بلقطة النهاية في كليب "ع الجراح قادر" للمطرب إيهاب توفيق ومن اخراج عثمان أبو لبن .

ضحك عبدالناصر وقال له باستخفاف : عاوز تاخدنى بالحضن ؟! انا شبح يابنى إيهيهيهيهيه .. ماخدتوهاش في العلوم ؟ المهم , دعك من الترحيب المبالغ فيه , أنا هنا في مهمة محددة وبالغة الخطورة
وشديدة التعقيد , والصعوبة , والـ ... قاطعه السيسى وقال : فكك من جو نبيل فاروق ولخص احنا الفجر يعنى !

قال شبح عبدالناصر : أوووه حسنا لا بأس , لكن قبل أن أبدأ حديثى معك خد بقى التليفون بالمرة حطهولى على الشاحن .

أمسك السيسى بالهاتف وقد تملكه الشعور بالاستغراب ! وسأل الشبح : ايه التليفون ده يازعيم ؟
قال شبح عبدالناصر بتهكم : ده آيفون 8 لسه محدش مسكه في بلدك .. ستيف جوبز اداهولى هدية من أسبوع علشان أغير نظرتى في الصناعات الإمبريالية , وبالمرة ادينى باسوورد الوافاى علشان انزل فيلم نوح .

لكن السيسى أخبره أن سرعة الانترنت رديئة جدا ولن تسعفه في تحميل الفيلم والا سيضطر للمبيت على الأرض وهو مايهدده بعدم لحاقه بموعد إغلاق بوابة التلاشى الزمنية , لكنه أردف قائلا : هي السرعة عندكم كام ؟

قال الشبح بسخرية : بص .. طيارة , بندون الأفلام قبل ماندوس على اللينكات أصلا ! لايهم فقط دع هذه الأحاديث الجانبية وتعال لأحدثك فيما أتيت لك من أجله ..

قال السيسى : كلى آذان صاغية ياحضرة الزعيم .. بس ايه الجرافات اللبنى دى ! في شبح ينزل لابس جرافات ؟!

قال له شبح عبدالناصر بحنق : لو مش هاتبطل زياط هاسيبك واطلع فوق ! دى من عمر افندى
قال السيسى وقد تملكت منه السخرية : ايه ده في عمر أفندى فوق ؟ ناقص تقولى عندكم كوستا كافيه كمان !
بلغ الغضب مداه في وجه شبح عبدالناصر وقال له : اتريق اتريق , لا معندناش كوستا ياخفيف الظل , بس عندنا درينكيز .. وأضاف وقد تملك الغضب من أوصاله حتى احمرت عيناه الفارغتان : تهكمك سيزيد من غضب الرفاق على حافة العالم الآخر !

لكن ذلك التحذير لم يحرك جفنا في السيسى عندما أضاف بلهجة ملأها التهكم والتحد الواضح : حصلنا الرعب ياعم جريندايزر ! آخرك هاته !

استشاط شبح عبدالناصر غضبا وقال بلهجة تكاد تنفجر معها أحباله الصوتيه : انت بتتحدانى ياولد ؟
قابله السيسى باستخفاف وقال له بغير اكتراث : قديمة .. فريد شوقى قالها قبلك .

ثم نظر كلاهما لبعضهما البعض وانخرطا في موجة ضحك هيستيرية , وأخذ يمسح شبح عبدالناصر دموعه التى لايمكن رؤيتها بالعين المجردة لأنه شبح طبعا لايخضع لقوانينا الفيزيائية والتي سالت على وجهه كنهر من كثرة الضحك وقال : يحظك يابن الإيه يا سيسى ! انا ماضحكتش كده من زمان اوى !

قال له السيسى وهو يشعر بسعادة بالغة لأنه أدخل السرور في قلب هذا الزعيم العظيم : زورونا تجدوا مايسركم يافندم ..

قال عبدالناصر وهو يسعل من أثر الضحك : أكيد طبعا .. انت قعدتك مايتشبعش منها , هاتلى بقى التليفون علشان يدوب كده ألحق بوابة التلاشى الزمنية قبل ماتقفل واكيد هازورك تانى انا عرفت السكة خلاص ..

قال له السيسى وهو يناوله الهاتف : بقولك ايه يازعيم ماتسيبلى التليفون ده تذكار !

قال عبدالناصر وقد بدت على ملامحه الجدية : أولا ده هدية , ثانيا لو حمدين شافه معاك هايقرف ميتين أهالينا كل يوم على الفضائيات وهايهرى في عدم تكافؤ الفرص وانت ماترضاهاش لينا أكيد ! احنا اشباح كبيرة في السن والبروستاتا مبهدلانا فمش ناقصه حمدين كمان !

قال السيسى وقد بدى عليه الاقتناع : تمام يافندم , بس والله لانزل أوصلك بنفسى ..

انطلقا معا على دراجتين هوائيتين حتى وصلا إلى نقطة بوابة التلاشى الزمنية , ووقف السيسى يودع شبح الزعيم جمال عبدالناصر مؤكدا أنه سيفتقده وسيفتقد تلك اللحظات المرحة التي قضاها معه .. وبحس القائد أدرك شبح الزعيم تلك اللحظة فربت على كتفه وقال له : أكيد هاجيلك تانى احنا لسه ماتكلمناش في اللى كنت جايلك علشانه , وعانقه عناق مطارات طويل , حتى قال له السيسى باستغراب : ازاى يازعيم ؟! انا جيت اسلم عليك أول مره معرفتش ؟

ضحك شبح عبدالناصر وقال وهو يتلاشى داخل الضوء الزمردى البراق : احنا أشباح يابنى , توقع مننا أي حاجه .. اختفى الضوء تماما وغاب معه شبح الزعيم الذى ربما لن يظهر قريبا مرة أخرى , أخذ السيسى دراجته الهوائية وانطلق عائدا لمنزله .. لكنه لم يلحظ هذين الشخصين اللذين اختفيا خلف صخرة ما وكانا قد تسربا خلسة من بوابة التلاشى الزمنية لحظة انشغال السيسى وشبح عبدالناصر بالوداع وكانا شبحى الفنان فؤاد أحمد وعلى الشريف .. بادر شبح فؤاد أحمد بالحديث وقال بلهجة بورسعيدة كالتى استخدمها في فيلم المشبوه : احنا خدنا زومبة يا أفيونه ! الأيفون اللى  كنا نازلين نسرقه طار ! والبوابة كمان طارت ! هانعمل ايه ! قال له شبح على الشريف بلهجة بورسعيدية كالتى استخدمها أيضا فى المشبوه : أكيد في حل ماتوغوغشنيش ! بس خلى النهاية مفتوحة كده نعمل ساسبينس للجامهور .. ميستيريس يعنى !


Wednesday, April 9, 2014

المـلتهبــــون


ها أنا ذا يا بسنت .. أيا حبيبة قلبى , قد تركت مكانى المفضل عند مصبات الأنهار بعد أن اكتفيت من اصطياد أسماك السلمون .. أود أن أطمئنك أننى حصلت على مايكفينا من مؤن فوسفورية نستطيع أن نعبر بها موسم الانتخابات الرئاسية بأمان. وأحيطك علما .. أيا  مياه السخان الراكدة التي تعطينى الانتعاش لبرودتها, أننى لم أجازف باتباع الإرشادات الاجتماعية واختصار التسلية فى لب ثمار الكوسة المحمصة والفول السودانى أو حتى "الفشار" , هذه الحقبة تختلف. أيا قنديل حياتى , إنه موسم الملتهبون .

هل تعرفين ؟ أيا نوارة عمرى مروحتى قنديلى فوح بساتينى أننى لا أحب نزار قبانى !؟ لكننى أغامر بالاقتباس منه كما غامرت حاملا على زورقى مئات الكيلات من الأسماك ليعرف العالم أننا نجيد أن نصبح ملتهبين , فالالتهاب ليس مقتصرا على أهل السياسة وهم مهما بلغوا من حرارة لن يكونوا في مثل توهجنا المستعر. أيا طنين فراشة خيالى الخصب. ولايهم أن صوت الفراشة ليس بطنين , اعتبريها مبالغة . ودعينى أشرح لك .. أيا كرة تسكن زاوية قلبى التسعين , لماذا قررت أن نعيش مغامرة كتلك بل أظنك تتسائلين الآن .. أيا "أي كلام في رغيف" لماذا السمك بالذات ؟ هناك حقيقة علمية نتوارثها جيلا بعد جيل أن الفوسفور يبقينا متوهجين , لذا فالأسماك اختيار جيد لتبقينا محتفظين بمستوى متقدم من الاشتعال وسط هذا العالم الذى يزيد التهابه في كل ثانية .. كما أخبرتك , أيا .. "إملائى مكان الأقواس بما يرضى غرورك" من قبل أنه موسم الانتخابات الرئاسية وعلى الجميع أن يلتهب ليؤكد انتماءاته لمعسكره.

حبيبتى .. لقياس درجة الالتهاب عند المعنيين بالاختبار دعينا نقوم بتجربة ما, لنقول مثلا ان في التسعينات كانت هناك شرائط كاسيت "مضروبة" يتزامن إصدارها مع اصدار النسخة الأصلية لأى مطرب . هنا ينتهى دورنا تماما ويحين وقت ترك ساحة النزال للملتهبين . أنصار يناير سينفجرون غضبا عن فساد إدارة المصنفات التي سمحت بتوحش صناعة الكاسيت المضروب التي كلفت صناعه خسائر بالجملة ناهيك أن جودة الصوت فيها رديئة جدا . ثم يذهبون إلى أبعد نقطة يمكن أن يصلها خيال خصب ليؤكدوا أن النظام قد سمح بتلك التفاهات للظهور للقضاء على الذوق العام.

أما أنصار الرئيس الأسبق مبارك فسيبحرون عكس تيار يناير "طبعا" وسيأكدون أن من حكمة مبارك أنه سمح لمثل هذه الأشياء أن تستمر , فكيف لمواطن بسيط يحب "سميرة سعيد" أن يشترى الكاسيت الخاص بها بسعر يتجاوز الخمسة عشر جنيها ! لقد كانت نظرة نظام مبارك  ثاقبة في هذا الامر وأصبح المواطن قادر على شراء كاسيت "سميرة سعيد" بثلاثة جنيهات فقط ! ثم يؤكدون أن "مجيدة" كما يشار إلى ثورة يناير وهى لاتستحق أكثر من هذا اللقب بالمناسبة هي من أفسدت متعة المواطن البسيط في الاستمتاع بكاسيت "سميرة سعيد" . ويتبعون المسيرة بـ "هاش تاج" ما عن زمن الكاسيت الجميل في عصر مبارك.

لكن جوقة الملتهبين التابعة لحمدين صباحى سيكون لها رأى مختلف ذلك لأن حمدين واحد مننا فهو بالتأكيد لن يسمح بأن يكون سعر الكاسيت أكثر من خمسة جنيهات ولابد أن تصل الثورة إلى صناعة الكاسيت ,ثم ان كل منتجى الكاسيت يخافون لحظة اعلان حمدين كرئيس لان معنى نجاحه أن الثورة قد وصلت فعلا لصناعة الكاسيت. لقد عانى الشعب في ظل النظامين السابقين من ارتفاع أسعار الكاسيت بنسختة الأصلية وردائة صوت النسخ المضروبة لذا فإننا كحملة انتخابية نؤكد أن من دعائم برنامجنا الانتخابى هو ان يصل الكاسيت لكل مواطن بجودة صوت النسخة الأصلية وبسعر النسخة المضروبة .

وكعادة الملتهبين من مؤيدى الفريق "شفيق" فهم دائما يغردون خارج السرب . سيكون التأكيد أن صناعة الكاسيت خسرت رجلا مثل "شفيق" لأنه كان سيعيد للصناعة بريقها المفقود بعد أن يعود كل مواطن لصفه الصناعى المحدد لإدارة دولاب العمل. لم يستطيعوا أن يفهموا أن الكاسيت لابد أن يصل للمستمع بسعره الحقيقى وأن لعبة دعم صناعة الكاسيت المضروب بقيادة شخصيات عسكرية كبيرة لابد أن تنكشف. الكل يعرف أن العسكريين باعوا "شفيق" ومشروع انقاذ صناعة الكاسيت من أجل "الإخوان" طبعا ! هذه حقيقة لاينكرها أعمى. ثم يترك لك طرف الأحجية العجيبة ويتوارى , لكنه لا ينسى أن يزيد من غموضه المفتعل فيضيف وكأنه نوستراداموس شخصيا أننا سنفهم لكن بعد فوات الأوان .

لكن عند ملتهبى خالد على فالوضع مختلف تماما.. فهم سيؤكدون لك أن صناعة الكاسيت ذاتها ماهى إلا طريقة جديدة لخداع الشعب والهاؤه عن استكمال ثورته . العسكريون تحالفوا مع الدولة العميقة في أقذر تحالف ممكن ليجعلوا الشعب في حالة من الصراع بين أيهم الأحق بان يكون صاحب الكاسيت ألأغلى سعرا هل هو عمرو دياب أم تامر حسنى ! هكذا يمكنهم القضاء على الثورة لأنكم لاتعرفون أنكم رعاع يتم تجهيلكم وفق خطة مدروسة بعناية . كاسيت!! ألم يصلكم اختراع الأيبود بعد ؟! إنه اقتصادى ومثالى للاشتراكيين أمثالنا .

ومع ملتهبى المشروع الاسلامى المزعوم تصل اللعبة لأكثر فصولها كوميدية .. الكاسيت أصلا حرام , لكن هذا لا ينكر أن أعلى نسبة مشاهدة لقنوات مثل "شعبيات" والمولد" كانت في عهد الرئيس الدكتور محمد مرسى . محاولة تبيان أن سوق الكاسيت كان فقيرا في عهد الرئيس الدكتور محمد مرسى هي محاولات فاشلة مهما حاول الإنقلابيون الأوغاد , الرئيس الدكتور محمد مرسى هو الرئيس الوحيد الذى قدم التحية لسائقى التوك توك في خطاب رسمي , وكعاته في أن يكون بسيطا لكنها ملاحظة في غاية الأهمية لماذا اختار التوك توك بالذات ؟ انه كاسيت متنقل في حد ذاته ! لن يهنأ الانقلابيون بمحاولة طمس إنجازات الرئيس الدكتور محمد مرسى . أبدا .

ولايجدر بى أن انسى في خضم هذه الشروحات أن أشير لانه لم يعد هناك سوق للكاسيت من الأساس ! يسمونه الآن "القرص المدمج" أو السى دى , أظنكم فهمتم ما أصبو إليه تماما دون الحاجة لمزيد من الشرح فقد يكلفنا ما لانستطيع .

أخيرا هناك آخر مجموعة انضمت فعليا لجوقة الملتهبين وهم من مؤيدى المشير السيسى .. لقد ابتكروا نوع جديد من المغالاة يمكن أن يسجله التاريخ كبراءة اختراع وهى شوفينية الأداء الدعائي , فستذهب بهم المغالاة إلى الترويج أن بإمكانهم الاستغناء عن الكاسيت من الأساس بس هو يؤمر .


ها أنا ذا يا بسنت .. أيا قنينة عطرى الديور فهرنهايت, هل وقفت على حجم المأساة الحقيقية ؟ هم يشعلون الحروب من لاشيء ثم يتصورون أن كل منهم عليه أن يفوز ! ربما نخترع لهم مسابقة أوليمبية ونحن نتلذذ بالتهام أسماك السلمون ليمكنهم تفريغ طاقاتهم التنافسية فيها . ما رأيك بالسباحة في مياه البطيخ ؟ أو اللفت؟ أو حتى وحل البرك ؟ هؤلاء يمكنهم أن يبدلوا حياتنا الهادئة إلى جحيم لإثبات كل منهم أن وجهة نظره هي الأدق في مجال الكاسيت ! أما نحن .. أيا زهرة النيلوفر البيضاء التي لا أعرف منها سوى اسمها فقط , يمكننا أن نقوم بتحميل كل شيء بشكل مجانى من على الإنترنت . وبرغم أننا انتقدنا الجميع لكننا نعرف يقينا من سنعطيه أصواتنا في صناديق الاقتراع بعيدا عن هوس الملتهبين وصناع الوهم وتجار المعاناة .

Monday, March 31, 2014

دبابيـــس -9




حبيبتى  .. لا جدوى من كل هذا الهمس ! انا مصاب بالتهاب في الأذن الوسطى .

======================

فيرونيكا تقرر أن تموت . لو قررت أنقاذها لأتهمونى باختراق خصوصيات البشر ولو تركتها تفعل سيتهمونى بأننى "ندل" ولو تجاهلت الأمر لن اتجاهل وخزات ضميرى , حتى اذا قمت بتشجيعها على قرارها باعتبار ان حياتها ملك لها سيظهر من يتهمنى بالقتل العمد ! .. هكذا تركت الرواية على الرف المخصص لها ولم أمسسها مجددا .

======================

تتعدد أنواع الحروب , وتتنوع قدرات البشر في اختراع مايفنون به آخرين . لكن أقذرها تأتى إليك مغلفة بعناية لتدغدغ حاجتك إليها , ولأن المستهلك غالبا لا يقرأ التعليمات خلف المعلبات تفوته دائما عبارة "مكون يحولك إلى مسخ" .

======================

النخبة السياسية في مصر تذكرنى بغراميات الشاعر "الأعشى" , ظل يتغزل في محبوبته "هريرة" دون أن يرى منها إلا كعبها فقط , وقد لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف النظر بالمناسبة . فتخيل أنه دونجوان لم ير من حبيبته إلا كعب قدم مشوش ومع ذلك أثرى بخياله الخصب الشعر العربى القديم . أراهن أنه لو كان رآها كان ليقسم في سوق عكاظ أنه قد خدع وكان سيطالب بمجلس رئاسى مدنى أيضا .

======================

حبيبتى .. طالما حلمت بك ترقصين مرتدية قبعة القدر .. لذا عندما تتحقق نبوئتى لا تنسى أن تلتقطى لنفسك "سيلفى" أريد أن أتأكد من شكل هذه القبعة .. رجاءا .

======================

أنا فاشل , لكننى أقل فشلا منك . لذا حاول احترام هذا الفارق ولا تتعد حدودك !

======================

كتبت قصة ذات مرة عن فتاة وقعت في غرام شبح حبيبها القديم الذى مات اثر حادث سير , لكن القصة انتهت كالعادة بأنها رفضت استكمال تلك العلاقة لأنها لاتستطيع أن تربط مستقبلها بشبح ! وودعته بالكليشية الأشهر "كل شيء نصيب" . لم أفكر حتى في نشرها . ليست الفتيات بهذا السوء !.

====================== 

حبيبتى .. أعرف أننى كئيب وكائن جدير بالحياه في كهف متواضع على كورنيش الفراغ الكونى , أنا ببساطة لا أجيد التعايش مع الأحلام التي إن لم تتحقق غمرنى الحزن بسببها , أنا اختصر كل هذه الترهات في اكتئابى ! ألا يفسر ذلك كونى مرحا إلى هذا الحد ؟

======================

يالكرمك الزائد ! هذا عشاء يكفى 9 أشخاص ! .. هكذا ضرب لنا الرجل مثلا في الزهد حين تقمص دور الأشخاص التسعة بل وتنازل بطيب خاطر عما كان سيأكله لشخص آخر ضمن المدعوين التسعة أيضا شعر أنه لم يشبع بما فيه الكفاية , ولم يبق للمسكين سوى طبق لامع شديد النظافة . ورغم أنه لم يذق شيئا رفض أن يطلب المزيد .. إنه زاهد بحق .

======================

من الأشياء التي تقهرنى ابتسامة مضيفة الخطوط الجوية وهى تشرح لك استخدام السترة الواقية في حالات الكوارث .. لكن مايزيد القهر قهرا أنها سترة نجاة تتيح لك الطفو فوق المياه رغم أنك تطير فوق صحراء شاسعة . لاتنس أنها تؤكد على أن السترة تحت مقعدك مباشرة , اختلس نظرة سريعة بدافع الفضول لن تجد شيئا سوى كتيب إرشادات لاستخدام نفس السترة.

======================

هل تعرف كيفية التفكير خارج الصندوق ؟ اليك مثال : فى امتحانات البلاغة في اللغة العربية يقول لك العبقرى واضع الامتحان " إنه يركض كالفهد" ثم يسألك بخبث هل هذه الجملة استعارة مكنية أم استعارة تصريحية ؟ فكر اذا خارج الصندوق ولتكن اجابتك أنها استعارة خيالية لأنه لن يتمكن من الركض بسرعة الفهد على الإطلاق .

======================

وصل به اتقان حل ألغاز الكلمات المتقاطعة أيا كان حجمها في أقل من دقيقة , لقد اكتشف أنه ليس من الضرورى النظر إلى معطيات اللغز طالما كان في إمكانه ملئ الفراغات بأى كلمات تطابق المساحة .

======================

حبيبتى .. أنت كل ما أملك في حياتى , انظرى إلى "القايمة" لتتأكدى بنفسك .



Wednesday, March 26, 2014

فايسبوك بالعربى





فايسبوك .. لابد أنك تملك حسابا على فايسبوك وان لم تكن تملك فهناك عالم خفى مثير للسخرية ينقصك اكتشافه بالفعل , لكن هل فكرت مرة في أن تنظر لمستخدميه نظرة أخرى ؟ كيف يستخدموه ؟ مقدار ما يمكنك أن تستفيده من متابعتك لهم ؟ ماهي كمية الأمراض التي يمكنك أن تحظى بها لاصرارك على متابعتهم أيضا ؟ خاصة وأن فايسبوك العربى أصبح مرتعا لمرحلة عمرية معينة مهما حاولت الهروب منها لابد وأن تصادفك رغما عن كل مراحل تصفية الأمان وفرز المحتويات المتاحة .

مثلا مقدار الأصدقاء لدى الفايسبوكيين الجدد يتزايد حسب الاسم والنوع  , الفتى الذى يكون اسمه مثلا دودى الرومانسى ستجد لديه أصدقاء عديدة مثل ماندو الجامد و سعيد الحبوب , وطبعا  ميرو الدلوعة وقلب انثى أو تلك الأسماء ذات الحروف الإنجليزية المزخرفة التي يصعب تذكرها أو قرائتها , ولديهم جميعا صور مشتركة بالنظارات الشمسية العملاقة بالنسبة للشباب أما الفتيات فتجدهن يصورن أرجلهن فقط وطبعا سيتم التعرف عليهن  إن كنت تنتمى مثلى لنادى المتحذلقين والمخضرمين العارفين ببواطن الأشياء اما بنوع الحذاء أو لون ( المونوكير ) او بنسبة ( القشف ) فوق كل قدم  , هذه قدم مديحة لأنها معتادة على إطالة أظافرها حتى وصلت لمرحلة الحوافر المغطاة بطلاء فوشيا , هذه قدم خلود ! من الذى لايعرف قدم خلود ؟ انها عملاقة جدا وينقصها حدوة من ماركة أديداس لتكتمل أناقة المشهد , أما قدم بسنت فهى مميزة جدا , بسنت كما نعلم لم تسمع بعد عن مستحضرات إزالة الشعر ولولا أنها ترتدى صندل حريمى لأجزمنا أنها قدم صديقنا إبراهيم واستغربنا من سر تواجده في صورة كتلك !.

أما صورة "بروفايل" فهى تدل غالبا على شخصيتك إن كنت لست من هواة وضع صورتك الحقيقية . صورة تشى جيفارا تعنى اننى احب ان ينظر لى الأخرون كذلك , فأنا طموح ثائر وادخن السيجار الكوبى  ومازلت مقتنعا أنه كوبى مات فى بوليفيا بغض النظر عن كونه ارجنتينيا فى الأصل واسمه "جيفارا"  وليس "تشى جيفارا". عمرو دياب تعنى انك من جمهور الهضبة وهذا يستقطب نوعا كبيرا من الفايسبوكيين الجدد , اما صورة "تامر حسنى" فهو يعنى انك انسان "خدت مفك فى مشاعرك" . أما صورة العناق الرومانسى لدى الفتيات دليل كاف وقوى انها ( سينجل ) مازالت تنتظر ذلك الفارس الذى سيبدل حياتها , وتلك الصورة الجرافيكية لذلك الشاب الذى تم نزع قلبه وصدره مازال ينزف بذلك الوضع الكارتونى المضحك هو دليل انه شاب ( مخدوع ) يسهر الليل يبكى الفراق واللوعة وقد تقرحت معدته من كمية الشاي المغلى الذى يشربه لكى ينسى.   

أما صور الشخصيات الكارتونية فهى لشخصيات خيالية حالمة أيضا ترفض الواقع أو تنظر لنفسها على أنها لاتنتمى لهذا العالم , كم نحن رائعون وأكبر عيوبنا أننا نملك قلبا طيبا وساذجين لدرجة أن أي بقال يمكنه خداعنا في سعر الجبن الرومى.. نحن ضائعون ولن نجد من يفهمنا , لذلك سنظل في عالمنا .. عالمنا جميل . أما صورة ( شاروخ خان ) تعبر عن حالة الانبهار الكامل بذلك الفتى الوسيم الهندى ناهيك انها تمثل جزءا عملاقا من الخيال عن فتى الاحلام المنتظر . وهى حالة من عدم الواقعية المفرطة , فـ شاروخ خان هندى ! وكذلك بطلة فيلم ( توايلايت ) لاتشهبك بالمرة أيضا .. انظرى لنفسك فى المرآة بعد الاستيقاظ لتعرفى الفارق جيدا . ثم يصادفك الذى يسمى نفسه رباعيا مثل "السيد محمد السيد درديرى"  وهو من الذين يضعون
لقب ( المحامى ) بعد اسمه وصورته دائما هي صورة جواز السفر الخاص به ذات المقاس "4×6" وكأنه يؤكد على هويته .

أما  الاستاتوس فعمقها لايتناسب مع كمية التعليقات او ( لايك ) قدر ما يتناسب مع نوع صاحبها . اترك شابا يكتب رباعية لجاهين فستجد ردين او خمسه كحد اقصى  ومعظمها تهكم من أصدقائه الذكور ,  واترك فتاه تكتب نفس الرباعية مليئة بالاخطاء الاملائية لترى كمية التعليقات  , كم انت رائعة كم انت حساسة , واااااااو جاهين !! كم أعشقه ! وعدد لا نهائي من ( لايك ) و ( فريند ريكويست ) ودائما ما تقابل الشاب الفايسبوكى المتذاكى فهو سيحاول لفت انتباه صاحبة الحساب بأن يثنى على قدرتها الرائعة في تأليف الشعر رغم أنه يعرف أن الشعر لصلاح جاهين , وأيضا ستقابل المتحرش ذو الخلق الحميد الذى يتغزل في صورتك حتى لو كانت صورة جدتك ثم يتبع عبارات الغزل بضرورة الحجاب وربما يعرض عليك الزواج لسترتك . الاستاتوس ايضا لا تعبر عن السن فلا تستغرب أن فتاه فى الخامسة عشرة تكتب حالتها : محدش بينجرح أوى غير لما بيحب قوى . ومن الأشياء التي لايمكن اغفالها حالة ( فى علاقة ) اعلى معلوماتك الشخصية  فهى تعنى ان هناك اثنان يعبران عن حالة ( احنا راسين فى طاقية ) ولا عزاء للحاقدين أيها السناجل . أما فايسبوك المخطوبين هو حالة تستحق الدراسة , هؤلاء القوم لايكفيهم عروض شركات الاتصالات والدقائق والرسائل المجانية ولا يهمهم أن أنظمة الهواتف المحمولة وفرت لهم كل سبل "المحن" من برامج دردشة واتصال صوتى مجانى ويصرون أن يكون فايسبوك شاهدا على مشاعرهم الملتهبة .

فايسبوك السياسيين الجدد جدير أيضا بالاهتمام والملاحظة .. فلايمكنك أن تكون ثوريا دون أن يكون لديك أكثر من "بوست" تمتدح فيه حمدين صباحى وتعتبره أمل مصر القادم ضد موجة الارتداد التي يقودها الفلول , لابد أن تكون ضد ترشح أي شخص آخر لأن حمدين هو الامل , أي كلمة عن رأى الشعب تحيلك إلى محكمة عن الأخلاق ومنذ متى كان الشعب هو صاحب الحق دائما ! ثم تصطدم بمثقف ما يقول لك على سبيل الفخر أن عشرة حمير لايمكنهم أن يكونوا على صواب بالنسبة لرأى إنسان واحد , ولا تحاول أن تسأله عن "بسمارك" صاحب العبارة لأنه قطعا لايعرفه . أما أكثرهم ثورية فهم الذين ينقلون "إفيهات" باسم يوسف كل يوم جمعة ويجبروك على مشاهدة الحلقة بالقوة الجبرية , لايمكنك الاختلاف مع باسم يوسف لأنه منزه عن النقد ولأنه حراق طبعا . تقول لصديقك الملتهب أنه قد روج لأفكار صهيونية في مقال مسروق ! فيجيبك لأنه حراق , لقد عرض خريطة مصر منقوصة ! لأنه حراق .. حلقاته أصبحت تشبه حلقات أحمد آدم على قناة الحياة ! هاهاها لأنه حراق  ..  ستكتشف في النهاية أن باسم يوسف بالنسبة لمعجبيه هو وجبة مجانية من مطعم "تشيليز" كل يوم جمعة ليعوض احساسهم بنقص "الحرقان" على حد تعبيرهم , لكن عليك أيضا كصديق وفى أن تحذرهم من خطورة "الحرقان" على البواسير .

هناك نوع خير لايستحق عناء الذكر فهو لزج وسخيف لدرجة تدفعك دون سابق معرفة لأن تحظره تماما . إنه ذلك النوع الذى يصر أن الشيطان ترك كل مهامه فى الدنيا ونسى مهمته المقدسة التى طرد بسببها من الجنة وتحول من  إغواء الأتقياء الصالحين وتفرغ لإلهائك عن "شير" المحتوى المقصود !.



فايسبوك .. ذلك الموقع الذى يمكنه قتل وقت فراغك ان كنت مثلى تستخدمه للتسلية أو "الرخامة" مع اصدقائك المقربين لتعوض عدم وجودك الفيزيقى معهم يمكنه أن يصيبك بأعراض العته من كثرة ماتشاهده هناك من بلاهة . لكنك لا تملك حق الاعتراض أيضا , فهو مجرد مساحة شخصية لكل فرد ليستخدمها كما يشاء ... للأسف . ولا أملك في النهاية إلا تقديم التحية لهؤلاء الأقلية من البشر الطبيعى الذين يستخدمونه في حدود استخدامه . 

Wednesday, March 12, 2014

امبارح .. كان عمرى عشرين



لقد أشرقت الشمس في حياتى 10,220 مرة , عشت تقريبا 336 شهر , في آخر ست سنوات أي آخر 2,192 يوم قضيت منهم 135 يوم فقط في مصر ! مبارك لى ! .. أنا على مشارف اتمامى العام الثامن والعشرين أي أصبحت طاعنا في السن بما فيه الكفاية. واعذرونى عن لغة الأرقام إن بدت معقدة , لكنها  طبيعة فرضتها المهنة لا أكثر . أذكر في العام 2006 بعد مباراة كأس العالم النهائية بين إيطاليا وفرنسا جلست مع أصدقائى على المقهى نحتفل بالفوز كإيطاليين أكثر تعصبا من سكان روما أنفسهم وكان بجانبنا منضدة حولها أربعة رجال يبدو من هيئتهم أنهم تجاوزوا العقد الرابع , قال أحد أصدقائى أننا يوما سنجلس نفس هذه الجلسة ونحن في نفس أعمارهم نتذكر أننا كنا صغارا يوما ما !

وها نحن نقترب وان كان ببطء من تلك اللحظة التي نتساءل فيها بجدية , هل كنا صغارا بحق ؟ أم أن هذه الذكريات المبعثرة ماهى إلا بعض التخيلات عن ماض لم نعشه من الأساس ؟ ربما عشناه في فترة ما لكن المسافة التي يمكننا أن نقطعها لنتذكر مافيه مرهقة إلى حد يدفعنا للكسل عن البحث , ثم مزيد من الكسل يؤدى لفقدان المزيد من الذكريات وهو ما يدفعك للعودة لنفس السؤال .. هل كنت صغيرا يوما ما ؟ دائرة مغلقة من الجدل البيزنطى.

الحقيقة المجردة بغض النظر عن خاصية تآكل الذاكرة التي تنتعش بعد كل دورة للأرض حول الشمس أننى عشت رضيعا وطفلا وشيطان لزج يجيد تحطيم أي شيء لا ترغب امه في أن يتحطم , ثم شاب يظن أن العالم يتوقف منتظرا لليوم الذى سأتوجه فيه لشباك "شئون الخريجين" لاستلام شهادة التخرج ذات الخط المنمق إياها . استملتها ولم يتغير شيء بالمناسبة. كنت من هواة تحطيم التابوهات في هذه المرحلة وأقسمت أننى لن أعلقها في الصالون بجانب شهادات الأسرة ولم أعلقها فعلا , لكننى ماعدت أذكر أين وضعتها حقا ! فلم يتبق من اثبات اننى حاصل على شهادة البكالوريوس سوى ورقة زرقاء قبيحة الشكل والمحتوى ولن أغامر بإظهارها للنور مهما كلفنى الأمر , والغريب أننى لا أنسى مكانها أبدا !. ورغم ذلك لاتنتظر منى أن أحكى بعضا من ذكرياتى فقد قصصت منها الكثير فعلا , ولاتنتظر منى أن أحدثك عن تجربة فقدان السنين كمغترب لأننى لا أجيد "اصطناع الشجن" أيضا , فقط دع الأيام تمر بسرعة وهدوء حتى يحين موعد الإجازة القادمة . و لنجعل هذه المرة مختلفة قليلا .

في مثل هذا السن يجلس حولك أطفال العائلة بصفتك من أولئك المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء. الأطفال يقدسون السن ويحلمون باليوم الذى يكبرون فيه ليصبحوا مثلنا , ولو أنهم يعرفون الحقيقة لتوقفوا عن تمنياتهم بان يكبروا يوما واحدا فهم لن يصبحوا أبدا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء . نحن نفقد مع الزمن أكثر مما نكتسبه . هذا ما نكتشفه كلما تقدم بنا العمر .

ماذا أفقدك السن ؟ كلما تقدم العمر يضفى عليك الزمن ما يسمونه وقار , وهى أكبر خدعة في التاريخ بعد "حصان طروادة" كخدعة أن الشباب لا يبدأ إلا بعد الأربعين وهى خدعة يقولونها لك أيضا على سبيل المواساة . الحقيقة أن لاوجود لهذا الوقار بل هناك قيود يفرضها عليك المجتمع بحكم أنك أصبحت كبيرا نسبيا في السن . لا يمكنك أن تذهب لمدينة ملاه قاصدا بعض المرح لأنك كبير على هذه التفاهات، حتى لو تغافلت عن تلك الملاحظة لن ترحمك نظرات من حولك خاصة الصغار الذين يتمنون أن يصبحوا في مثل أعمارنا وهم ينظرون إليك كعجوز متصاب لا يحترم وقاره ولا يحترم كونه من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء الذين يشوهون سمعتهم بركوبهم القطار الافعوانى . السن يفقدنا لذة الشعور بالبهجة أيضا ، لن تستطيع الاحتفال بهدف لمنتخب مصر في مرمى الكاميرون كما كنت تحتفل سابقا بالصراخ وانت تقوم ببعض حركات الرقص التعبيرى, وبغض النظر عن عدم إمكانية هز شباك الكاميرون في العصور القادمة لكنك ستكتفى بالتصفيق والابتسام . إنه الوقار كما تعلم.

أما ما نكتسبه حقيقة فهو لعنة منتصف العمر خاصة في الزواج , لن تتمكن من الزواج بفتاة أحلامك لأنها الآن تملك أكثر من طفل أكبرهم يعانى من تعفن في معدته بسبب الإفراط في تناول الإندومى وأصغرهم سيصاب بتخلف عقلى قريبا لإدمانه على مشاهدة برامج الأطفال . ستحمد الله في لحظة ما أنهم ليسوا أطفالك، لكن الحنين القديم مازال يقرع الطبول في أروقة ذكرياتك رافضا الدخول إلى مفرمة النسيان مهما حاولت . أنت في وضع حرج واختياراتك محدودة وليس أمامك سوى أن تتزوج من بسنت التي تصغرك بسبعة أعوام على الأقل , بسنت كما تعلم مولعة بمطربين لم تسمع عنهم من قبل , من هو كيلانى هذا ؟ لقد توقفت معلوماتك الموسيقية عند محمد منير التي تعتبر أغانيه بالنسبة لأبناء الأجيال الجديدة طلاسم فلسفية يصعب التعامل معها , حتى في كرة القدم لن تتمكن من اجتياز حاجزها الزمنى. أنت من جيل حسام حسن وحازم إمام وعبدالستار صبرى وعاصرت مجدى عبدالغنى الذى سجل هدفا مرمى هولندا في يوم مشئوم أصبح به بعد ذلك من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء , هي لم تسمع عن أحمد فيلكس واسحق أول مثلا , لم تعرف أن أيمن منصور كان أوفر المهاجمين حظا على مدار تاريخ اللعبة . ستتعود لأنك مجبر على التعود لكنك لن تستطيع سد الفجوة الزمنية على الإطلاق . لن تجد من هى فى نفس مستوى جموحك الذى يضعك فى مصاف المجانين , وفى المقابل أنت لاترقى لوظيفة فارس أحلام يناسب أمينة رزق فى فيلم بائعة الخبز .

هي وافقت لأنك فرصة جيدة لزوج تقليدى وفرصة مناسبة لأن ترتدى الفستان الأبيض أخيرا وتقذف ببوكيه الورد من خلف ظهرها لصديقاتها اللاتى يعانين تضخم مفرط في الدماغ بسبب كمية الطرح المتراكمة فوق بعضها . وأنت قبلت لأنها من قلائل المختلين الذين يغامرون بالموافقة , كلانا يعرف هذا جيدا لكننا نقنع أنفسنا أن كل شيء سيصبح على ما يرام و سنصل معا لنقطة نقتنع فيها أن زواجنا جعلنا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء .

ربما لم أصل بعد لمرحلة أن اصبح انطوائيا متوحدا مع أوهامى عن تلك الأيام الجميلة التي قضيتها أجوب الشوارع في مرح قبل أن اتحول إلى ذئب بشرى يهوى الوحدة , مازال أمامى الكثير لأحياه ومازال أمامى الكثير لأفعله . أنا لم اتخطى الثلاثين حتى الآن ! رقم 3 في خانة الأرقام العشرية ذو طابع كئيب يذكرك بصبار صحراء المكسيك , قوى لكنه جاف بما فيه الكفاية . لكن مازال أمامى الوقت لكى اتحاشاه وهو سبب جدير بالاحتفال .

السبب الآخر الذى يمكننى الاحتفال بشأنه هو أن هذه التدوينة هي الأولى منذ يوليو الماضى التي لن يتناقلها بعض أنصار الرئيس الأسبق "مبارك" فيما بينهم في مجتمعاتهم المغلقة يقولون أن هذا "الدولجى" السخيف تصور في لحظة ما أن مدونته المهجورة كفيلة لأن يلعب دور الناقد صاحب الرأي لكنه مسكين طبعا , لايعرف أننا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء ! اعتذر منكم جميعا لو سلبتكم هذه المتعة. لكن اعدكم ان الأمر لن يطول كثيرا , ربما نلتقى في "نوستالجيا" أو هكذا أظن .