Tuesday, March 26, 2013

دبابيــس : نادى المتحذلقين





المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 26/03/2013



إن الجيل الذى صبر على كابتن ماجد 64 حلقة وهو يركض داخل منطقة الست ياردات قبل أن يحرز الهدف فى مرمى رعد لن يمل من وجود المجلس العسكرى وسيقاومه حتى يرحل .. هكذا يريد أن يبرهن لك عبقرى أن ثورته مستمرة بأنه يستمد قوته من الملل ! يمكنك لو كنت من صناع القرار تدمير قوته تماما بحرق كل أشرطة كابتن ماجد واستبدالها بالمحقق كونان مثلا وأنت مستمر فى تحريك حاجبيك على سبيل الغيظ لترى من أين سيستمد قوته الجديدة ليقاوم . نوع مبهر من العقليات لدرجة تجعلك مطمئنا على مسقبل أولادك بالفعل 

لكن لنبق منصفين , هل هم فقط من يجعلوك تشهق من فرط الإنبهار ؟ يمرض زوج خالة مواطن فيقوم على الفور بوصف بعض أقراص الفلوتاب أو الزانتاك ولا ينسى أن يأخذه على انفراد ليحثه على اذابة قرص ترامادول فى كوب شاى , أما لو كان ضليعا فى الطب سيتلفت حوله قبل أن يخرج له قطعة من الأفيون وهو يغمز بعينه تأكيدا على جودة الصنف .

دعنا نتعمق أكثر .. ألم تلحظ ذلك الخيال الخصب الذى يستطيع منافسة عتاة مؤلفى الخيال العلمى ؟ راجع أحداث محمد محمود لتجد رواية النشطاء أن الأمن كان يستهدف المتظاهرين بغاز الفوسفور - الذى يحولك لكتلة من الفحم بمجرد تعرضك له بالمناسبة - وغاز أعصاب غير مرئى وبدون رائحة ويقومون بتسريبه من فتحات المترو . العبقرية فى هذا السيناريو الرائع تكمن فى أن تلك الغازات كانت تطلق فى محيط مناطق سكنية وهنا فشل العباقرة فى إيجاد حل لمعضلة أن الغاز كان يستهدف المتظاهرين فقط ! ليبدو وكأنه معدل بطريقة الذكاء الصناعى تجعله يتوغل فى جيوب المتظاهر الأنفية , بينما يفقد تأثيره تماما عند أنف مواطن غير متظاهر .

ماذا عن مستوى الثقافة ؟ أعلم أهل الأرض بلا منازع , يقول أحدهم صارخا فى وجه صاحبه الذى بدأ يفقد الأمل ألم تسمع ماذا قال الجبرتى عن مصر؟ يبتسم محركا رأسه لانه عرف أن الجبرتى بالخبرة السماعية لن يقول حرفا مخجلا عن مصر , ولو جاوبه بـ لا لكانت الصدمة لأنه استخدم نفس الأسلوب الذى اتبعه معه شخص آخر سأله أيضا وهو يصرخ هل تعرف ماذا قال الجبرتى عن مصر ؟ فأطرق برأسه مبتسما لانه بالادراك السماعى وبالإيحاء فى الموقف تأكد ان الجبرتى رجل ابن بلد لا يقول شيئا مخجلا عن مصر , ويبقى السؤال .. ماذا قال الجبرتى فعلا ؟

يمكنك مراجعة ما قاله الرئيس فى باكستان ليعكس لك حجم الفاجعة الثقافية ومستوى العلم الضحل . ولو شئت الدقة تأكد أنهم لا يستحقوا ما هو أفضل . راجع نظرة من حولك لحقوق المواطنة أو لطريقة حياتك أو لدخلك أو لوجهات نظرك وحبهم المرضى فى التدخل فى شئونك والوصاية عليك ستجد أنك محاط بكم من الجهلاء المتفلسفين بشكل كثيف , أنت فى ناد للمتحذلقين حرفيا وهذه النماذج تدمر الحياة بالفعل , الفاشى يحدثك عن التسامح وتقبل الآخر والقاتل يروج لك فكرة الأمن والتافه يتهمك بالخنوع والرجعى يسوق لك مفهوم الحريات ! ولاحظ أن جميعهم فى النهاية اشتركوا فى أن أقصى طموحاتهم تحققت فى ساكن الإتحادية اول كل شيء فى الوجود منتخب فلابد أن تتيقن أن هذا ما يستحقوه فعلا . وللأسف تحتم عليك مسئوليتك التاريخية وواجبك الانسانى تجاه أجيال قادمة يأبى ضميرك أن يخرجوا وسط هذا العفن أن تتحمل كل ذلك وتقاومه ما استطعت . 

فى الخارج يقرأون لأطفالهم الكوميكس ليتقبلوا بعد ذلك أسماء بحجم جوركى وبرنارد شو وديكنز , كانت قصص الرجل الوطواط على سبيل المثال هى البداية ليعرف قيمة الكتاب وأهمية الثقافة , أما هنا فقصص الرجل الوطواط كانت مثار اعجاب الأطفال لأن ما تعلموه هو أن الرجل الوطواط لاتستطيع الشرطة الإمساك به ويصرع عشرة رجال ويحطم أنوفهم بلكمة خماسية فينتهى به الأمر ممسكا بزجاجة مولتوف فى مواجهة قوات الأمن . ولو سألت أحدهم عن أهم أعمال حافظ ابراهيم أو يوسف ادريس ستكتشف أنهم فريقان كلاهما لا يعرف طبعا لكن فريق اتجه لحرمانية ماتطرح والآخر يكتفى بالإشارة لأغان الشيخ إمام باعتبارها قمة ماتوصلت إليه البشرية فى عالم الفنون .

وبالحديث عن الرجل الوطواط وتخفيفا لحدة الحديث فأنا اعتقد - وهو احتمال يمكن نسفه - أن أطفال الإخوان لو كانوا يقرأون قصصه فجل ما سيلفت أنظارهم هو العجوز ألفريد ذلك ( المرشد ) الناصح الصبور الذى يحاول أن يربى الرجل الوطواط ليخدم رسالة ما , ومهما تقدم العمر بالرجل الوطواط يظل ألفريد المعلم الأول والأخير ولايستطيع أن يتخذ قرارا بدونه ويطيعه طاعة عمياء .



K@ReeM

Tuesday, March 19, 2013

دبابيــــس : أمى




المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 19/03/2013

=========================

أمى الحبيبة .. تعلمين أننى لا أجيد الكتابة عندما يتحتم علىً أخذ الأمور على محمل الجد , خاصة وأنك تعرفين أننى أملك واقعى الخاص الذى يختلف عن واقع العقلاء بالكلية .. اعتبرينى ابتلاء صبرك عليه يعطيه الأمل فى كل خطوة  لأنك دائما هناك تهتمين به وتراعيه رغم جموحه المتقد , لأنك دائما هناك تستوعبين كل حركة وكل طيش وكل جنون وكل صخب وكل لامبالاة بصدر رحب وبتفان وبتقبل وبحب .. لأنك أمى أشعر أننى الشخص الأكثر حظا فى العالم . كل يوم وانت بخير وليس فقط كل عام , ودعك ممن يحرمون الاحتفال بك لأنهم دائما يخسرون فى معارك المنطق , الجنة تحت أقدامك ولن نشم لها عبقا إلا برضاك , فلا تأخذى فى الاعتبار أى حديث من شخص حاز على ابتدائيته بصعوبة ولظروف غامضة وجد نفسه واعظا ولأسباب مختلة ظن نفسه أنه فقيه أوتى من العلم كنوزا . 

دعينا لاننجرف لتلك التفاهات فنحن نحتفل بك . أما بخصوص هديتك التى يود جميع من يقرؤون الآن معرفتها سأقطع عليهم حبل التمنيات قائلا ( موتوا بغيظكم ) أنا وأنت فقط نستطيع التفاوض حول هذا الأمر , لكن علىَ أن أقدم اعتذارا لأننى لست على هذا القدر من الغنى أو السلطة لكى أهديك تمثال خفرع المنحوت من حجر الديوريت مثلا لتزيين الصالون أو قناع توت عنخ آمون ليبدو النيش به بعض لمسات الترف والبهرجة , حتى المسلات بعيدة تماما عن قدراتى . لست مستثمرا قطريا لأفعل أو ( شاطرا ) بما فيه الكفاية .

قد يبدو الأمر بسيط جدا لو أردت اهداؤك تحفة أثرية قبل ان يقوموا بتأجير آثارنا أو بيعها  فكل ما سأفعله هو سحب استمارات حزب الحرية والعدالة وتوجيه لسانى نحو الشعب وأبدأ فى سرد المعلقات المعتادة والموحلة فى السفه أنهم لايقدرون أن رئيسنا ملتح ولا أنه يحفظ القرآن ولا يبالون بدموعه التى تبلل جميع وسائد قصر الإتحادية من الخوف على مصير الأمة , لا بد أن نترك لرجاله الفرصة فى فقأ عيون الجميع لنكون جميعا فى بصيرتهم وأن نسمح لهم باستبدال كل كرسى وكل مفرش وكل لامؤاخذه بأشياء تحمل شعاراتهم لأنهم جاؤوا بالصناديق . فحين انضمامى لجوقة المنافقين تكون كل حركة منهم تستحق الثناء وكل خزعبلاتهم ماهى إلا مخاض لعبقرية وليدة ظلت حبيسة جدران وادى النطرون والعقرب لعقود .
مليارات لصوص النظام ومناجم الذهب واليورانيوم ورمال السيليكون ومليارات المستثمرين كلها قادمة أنتم فقط اللذين تستعجلون النغنغة والحياة الرغداء .

أو ربما أظل مواليا كما أنا لكن بتغيير طريقتى فى النفاق وألعب دور المعارض الحريص على المشروع الإسلامى , سأقوم بحلق سكسوكتى العزيزة لاستبدلها بلحية عملاقة وكل ما سأفعله هو التأكيد على أن الحكومة تسير بخطى متعثرة وأن يد النظام رخوة بالفعل لكن هذا لا يجب أن ينسينا أن الخروج على الحاكم حرام طالما بايعناه , الإعلام الذى يهاجم الرئيس حرام كذلك - الإعلام أصلا حرام - لكن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع فلا بأس من أن يكون لدينا إعلام بديل يفضح التأمر والعمالة ورائحة الكوسة التى تلوح فى الأفق متجاهلا حقيقة أن رائحة الكوسة تشم ولا يمكن أن نراها , الخروج فى المظاهرات حرام لكن علينا أن نثبت ولاؤنا واعترافنا بشرعية النظام فى مظاهرات , محشى الباذنجان أيضا حرام لما يحمله من تشبيهات بذيئة , لكن لو كان ولى الأمر يحب محشى الباذنجان فلا بأس لأنه يعرف ما نجهله بالطبع حتى وان كلفنا الأمر الزحف بمليونية مكونة من 21 شخص تحت اسم محشى الباذنجان والشريعة .

لو فعلت كل ذلك سأضمن مكانة قريبة جدا من أصحاب النفوذ ولكن برغم كل شيء لن أضمن لك هدية أثرية لائقة وكل ما سأحصل عليه هو تمثال لقط "الماو" بحجم "ماج" النسكافيه يمكننا أن نضعه بجوار المنبه عتيق الطراز فوق الكومودينو . لكننى أعرف أنك لن تقبلى بذلك , ولو فعلت لكلفنى ذلك غضبك الشديد , وأطمئنك أننى لن أفعل لأننى تعلمت كيف أكون محبا للوطن منك . وهو ما لايفهمه أبناء السمع والطاعة لأنهم نشأوا وسط منظومة للتفريخ ولم يكترث أحد قط بتعليمهم أى شيء أو إعلاء أية قيمة باستثناء الولاء لمرشد أو أمير أو شيخ . أدام الله نعمة دعائك , وأدام نعمة وجودك بجانبى .. وبمناسبة هذا الكلام الكبير فأنا فى انتظار عزومة ( الوز المحمر ) حينما أعود . الوز المحمر رشوة لن يعاقبنى عليها النائب العام فى جهاز الكسب غير المشروع , إلا لو كان النظام لديه من ( الطفاسة ) مايجعله يحقد على وجبتى المتواضعة .


K@ReeM



Tuesday, March 12, 2013

دبابيـــس : سينمــا النهضــة



المقال منشور بجريدة الدستور الوطنى عدد الثلاثاء 12/03/2013

------------------------------------------------




السينما مرآة واقعية للمجتمع , يمكنك أن ترى فيها الماضى أو الحاضر وأحيانا تتنبأ بالمستقبل عن رؤية عميقة وفلسفية كما هو الحال مع العملاق وحيد حامد, لكن هناك دائما طريقة لاسقاط السينما على الواقع . مصر تشبه السفينة تايتانك ؟ هل سيتحرر الشعب يوما ما من اصلاحية شوشانك الجبرية ؟ 

متى ستكف الوزارة الحالية عن تصوير نفسها أنها فى مهمة مستحيلة ؟ رغم أن ادعاؤهم للكفاءة والعمل يذكرنى بجملة ( لا يوجد كلمة سر ) فى فيلم eyes wide shut , فهم يحاولون اثبات شيء غير موجود من الأساس .. لكن مشروع النهضة يذكرنى حرفيا بأفلام الفنانة نادية الجندى .

كم مرة هربت نادية الجندى من المخابرات الإسرائيلية ؟ ألم يفطن الموساد فى كل أفلامها لنفس الخدعة ويكتشف أن كمال الشناوى مصرى ؟ ألم يشك لحظة فى تصرفات سايس الجراج الذى يتحدث فى لاسلكى طيلة الوقت ؟ لكن السيناريو عبقرى جدا , فيجعلها ترقص لضابط كبيرفى الموساد أو قائد مهم فى جيش الدفاع ليقع فى حبائلها ويسكر ثم يغيب عن الوعى بعدها تصبح اسرار دولة كاملة على ميكروفيلم . وبسذاجة مهينة لعقل المشاهد فجميعهم يحتفظون بأدق أسرارهم فى درج مكتب يمكن لأى طفل العبث فى محتوياته . وهو مايجعلك تفكر أن الجاسوسية لو كانت بتلك السهولة لماذا لم نعبر القناة بعد نصف ساعة من قصف سيناء الجوى ؟ الجواب ببساطة أن الجيش المصرى وقتها للأسف لم يجند كاتب سيناريو أفلام نادية الجندى .

وبالمثل قد فعل الليمونجية عن قصد وتعمد نفس مافعله كاتب السيناريو فى ترويج هراء ومحاولة اقناع الآخرين بسطحيتهم المخجلة فى رؤية واقع الأمور , لماذا تنتخب شخص واحد لو كان فى امكانك انتخاب مشروع ؟ الاستثمارات التى كانت تعيقها دولة العسكر قادمة وبمبالغ تفوق قدرة المعالجات الحسابية رباعية النواة على تخيلها , إن شفيق سيعيد نظام مبارك العسكرى لكن الأخوان من التيارات المدنية ! وكانوا رفقاء ميدان وقت الحسم  ولا تنكر أنهم منظمون وقادرون على العمل .
وبعدها يصرخون من واقع مايحدث .


وهنا وجبت الإشارة أننى لا ألوم على شباب الإخوان فى الترويج للهراء , فهو إن لم يفعل سيعاقب وان لم يقتنع فهو خارج المنظومة من الأساس , بل هو لايملك بالفعل أدنى حق للتفكير فى قبول أو رفض ما يتم إملاؤه عليه من قياداته وقياداته لا تملك رفاهية نقاش أوامر مكتب الإرشاد .. ومكتب الإرشاد نفسه مجموعة من العجائز الفاقدين للزمن ولفنون الإدارة , لذا تجد نفسك محاطا بالكوارث وبالاستماتة فى تبريرها من كل اتجاه . لكن أين مشروع النهضة نفسه بعد ثمانية أشهر عجفاء ؟ هل هو فكرى أم خطة أم نحن فعلا من فهمناه خطأ ؟ فلو لم يكن جاهزا للتطبيق لماذا كتبوا على بوستراتهم الخاصة بمرسى أوخيرت عبارة ( النهضة ارادة شعب ) ؟ وبمناسبة البوسترات ... دعاية خيرت حملت اسم يوسف العصر , وبعد استبعاده روجوا لمرسى باعتباره أيوب هذا الزمان , وهو مايثير فى نفسك التساؤل , هل خص الله مكتب الإرشاد بالرسالات السماوية مثلا ؟.

نعود للنهضة لترى أن فى أى نقاش نادرا ما يصل الطرف المتحمس لمشروع النهضة لنقطة جدوى المشروع نفسه أو آلية تطبيقه أو كيفية تمويله , وعندما يجد نفسه محاصر بالمنطق يهرب إلى أن المعارضة تعيق التنفيذ , اذن هو يريد أن يكون الشعب على نفس قدره من الإنبطاح وإلغاء العقل كى يرى مايراه فى النهضة , ثم يزيدك من الشعر بيتا أن الدولة العميقة تحارب المشروع الإسلامى بعد أن وصلوا للحكم وبعد أن أذاقوهم مرارة التعذيب ومذلة الاضطهاد , بغض النظر عن عدم وجود مشروع لكى يصفه بالإسلامى وهراء الدولة العميقة لكنه يعيدك للسينما وخاصة لأفلام نادية الجندى أيضا بالحديث عن اسطوانة الإضطهاد والتعذيب فى السجون والمعتقلات  ليجعلك تتخيل أنهم كانوا يعذبونهم كما كانت تعذب نادية الجندى بالسيشوار ومبرد الأظافر ويقومون بغمر رأس الدوبلير فى برميل المياه .........

أى تعذيب أو أى اضطهاد وتربص الذى يسمح فيه ذلك الجلاد النازى الوضيع مصاص الدماء لفرائسه بالعمل وتكوين الملايين ؟ بل بالسماح بوجودهم فى الأصل يمارسون السياسة ويصلون للبرلمان بـ 88 مقعد ؟ وللمفارقات الطريفة أن مجلس الشعب ذو الـ88 مقعد اخوانى نال فيه رئيس مجلس الشعب التابع للنظام الذى يضطهدم منصبه بإجماع الأعضاء باستثناء صوت واحد !.

الحقيقة أن الواقع الحالى لايوجد به حبكة درامية تغريك بالاستمرار فى المشاهدة . الفيلم رديء , الممثلون مفتعلون , انتاج متواضع , ومخرج تافه لايجيد سوى أكشن وستوب . ويقول التاريخ أن السينما الرديئة تتلاشى تماما من ذاكرة الجماهير . 


K@ReeM

Tuesday, March 5, 2013

دبابيــس : حريات سيئة السمعة






كنت أنوى الكتابة عن خطاب بعد منتصف الليل , الموقف بالكامل يمثل مادة خام للسخرية, يمكنك أن تجد فى كل تفصيلة سبقت الساعات الست للخطاب وما بعدها مادة شديدة الثراء وتغرى عشاق الاصطياد فى الماء العكر خاصة الصعاليك من أمثالى بالإسهاب فى التندر و( التنكيت ) خاصة وأن فى كل خطاب تتوقع أن تسمع ثناء الزعيم على صبر الحطابين فى غابات شيروود وسط الصقيع وعواء بنات آوى , وعلى صبر السماكين وسط الأمواج والثلوج حتى يعودوا بالحيتان . الحقيقة أن الخطابات جميعها تغرى الجاحظ نفسه فى العودة للحياة ليضيف إلى تراثه تراثا لا يقل خصوبة وثراء . وبما أن جدنا الجاحظ لن يعود للحياة , والخطابات بالتأكيد لن تنتهى - الآن على الأقل - فيمكننا تأجيل الصعلكة , ليس هناك من فائدة لتخبر الناس بحقيقة يعرفونها جيدا , أنهم محاطون بالأكاذيب وينصتون لـ لاشيء .

هل كنت تستطيع أن تقول هذا فى عصر مبارك ؟ هذا مايدور فى خلد المؤيدين الآن وهم يضغطون على أسنانهم من الغيظ رغم أننى لم أقل شيئا حتى الآن ! طالما أنك لست نسخة زيروكس فتأكد أنك ستثير متاعب الجميع , لكن لحظة .. أليست حرية الرأى من الأساس أحد مكاسب يناير كما يدعون ؟
البعض يتغنى بذلك , اتفق مع تلك الرؤية لو أضفنا للتوصيف من أجل الدقة أن حرية الرأى بعد يناير تعاظمت فقط لو كنت ضمن الجوقة . غناؤك منفردا يكلفلك اللعنة ياعزيزى .
قبل أن تندهش عزيزى المعترض , هل من حق الجميع أن يقول أو يفعل مايشاء ؟ طبعا لا .. تمالك أعصابك وتقبل انك فاشى منحط بهدوء لأنك كذلك بالفعل .

منذ بداية الأحداث ظهرت مجموعة ( آسف ياريس ) لها أفكارها التى قد تختلف أو تتفق معها بقدر اختلافك أو اتفاقك مع أى رؤى أخرى , هى ترى أن مبارك مظلوم ولم يكن بالسوء الذى استدعى كل هذا التشويه لتاريخ الرجل والنيل من سمعته كمحارب . رأيهم الخاص .. لماذا قامت اذن تلك الحملة الشرسة وتستمر لتشويه أولئك الشباب لمجرد أنهم يرون شيئا يختلف معك ؟

فى استفتاء مارس 2011 هل تذكر لافتات ( دم الشهيد بيقولك لأ ) ؟ حسنا أرنى صورة توكيل دم الشهيد الموثق من الشهر العقارى الذى يفوضك فيه باحتكاره ! ولاحظ أن اسطوانة الدم دائما ماكانت تصب عكس ما تريد , أحداث محمد محمود ليست بعيدة لتنسى . الآخرون فهموا اللعبة وعرفوا كيف يستفيدون , بل واستقطبوك أنت شخصيا باسطواناتك السخيفة لتروج لهم من خلالها فى انتخابات الرئاسة , هم لم يطلبوا منك أن تعصر على نفسك الليمون لأنهم لن يلتزموا تجاهك بأى شيء وقد كان , لكنك فعلت ذلك متطوعا لدرجه أنهم صدقوا لعبة الدم وأصبحوا يتاجرون بها فعليا لدرجة تدفع المواطن البسيط للسؤال من منكم يحمل توكيل الدم تحديدا ؟

هل تذكر نظرتك للذين أيدوا الجيش ؟ مجرد عبيد لاحسى بيادة وبعض السفه المعلب , حسنا أنت لست ضد الجيش انت ضد المجلس العسكرى , آسف للخلط بين الأمرين فكلاهما يبتعد عن الآخر ابتعاد حافتى المحيط الهادى , إليك المايكروفون أيها العندليب واشرح لنا الفرق خاصة أنك دائما تهاجم أفراد القوات المسلحة بالحجارة والبذاءات لا قيادات المجلس . هم يقتنعون أنه على صواب وأنت تراه بتأمر على فكرة هلامية تدور فى رأسك تسميها ثورة .. لماذا لا تتسق مع أفكار تلك الثورة المزعومة إذا
وتترك لهم ( حرية ) أن يروا ما يتناسب معهم ! ودعك من الحديث عن البيادات والعبودية وأن الثورة تحركها أقلية فكلانا يعرف أنه هراء , هى مادة تصلح لحديث المثقفين الذين لايفقهون شيئا فى أمور واقع البسطاء . مجرد اقتناعك أن الثورة تقودها أقليات استبداد من نوع فاخر لأنك تريد قيادة الجميع بأفكارك ومعتقداتك ثم توهمهم أنهم أحرار الرؤية .

تتجلى كوميديا وهج الحرية المزعومة عندما يعزف أوتارها الفاشيون , شيء يجعلك تنقلب على قفاك من الضحك فعلا , دعوا الضباط يطلقون لحاهم أيها الأوغاد ! وكأنهم جميعا تحولوا إلى ديجول فجأة ! وكأنهم يتصورون أنك لا تعرف الغرض من ذلك , مجرد صبغة شكلية تتحول بعد ذلك لأداة فى يد حرس الملالى والعمائم المزيفة . ثم أولئك الذين يصرخون بالحرية كانوا بالأمس القريب يريدون أختهم كاميليا واختهم محاسن واختهم جمالات ويتطاير الشرر من أعينهم لو قام السكان بترميم كنيسة فلو كانت العملية كذك دعوا الضابط السيخى  يرتدى عمامته البرتقالية الأنيقة بدلا من القبعة الرسمية , دعوا الضابط الشاب الذى يحب تامر حسنى أن يذهب للعمل ببنطلون سكينى ويمشط شعر صدره بالجيل . أليست حرية ؟ أم أننى فهمتها خطأ ؟ أم انك تريد الحرية عندما تخدم أفكارك فقط ؟


فى النهاية أنا لا أحاول اطلاقا شق الصف بين رفاق الميدان , مهما قال عشاق الأدرينالين أن الآخرين خانوا الثورة وقفزوا ( أوبح ) فوق ظهرها , ومهما قال السائرون نياما أنكم بلطجية ومأجورون وتأخذون 600 جنيه فى المظاهرة وتتحول مخيماتكم إلى حفلات جنس جماعى , هذه خلافات عائلية يمكن حلها فى أول جلسة حوار وطنى , أنا أبرهن فقط انكم مجرد فاشيون تتملقون شعارات الحرية . وأبرهن لنفسى أننى نجحت فى كبح جماح رغبتى  فى الكتابة عن خطاب بعد منتصف الليل ...



K@ReeM