Monday, March 31, 2014

دبابيـــس -9




حبيبتى  .. لا جدوى من كل هذا الهمس ! انا مصاب بالتهاب في الأذن الوسطى .

======================

فيرونيكا تقرر أن تموت . لو قررت أنقاذها لأتهمونى باختراق خصوصيات البشر ولو تركتها تفعل سيتهمونى بأننى "ندل" ولو تجاهلت الأمر لن اتجاهل وخزات ضميرى , حتى اذا قمت بتشجيعها على قرارها باعتبار ان حياتها ملك لها سيظهر من يتهمنى بالقتل العمد ! .. هكذا تركت الرواية على الرف المخصص لها ولم أمسسها مجددا .

======================

تتعدد أنواع الحروب , وتتنوع قدرات البشر في اختراع مايفنون به آخرين . لكن أقذرها تأتى إليك مغلفة بعناية لتدغدغ حاجتك إليها , ولأن المستهلك غالبا لا يقرأ التعليمات خلف المعلبات تفوته دائما عبارة "مكون يحولك إلى مسخ" .

======================

النخبة السياسية في مصر تذكرنى بغراميات الشاعر "الأعشى" , ظل يتغزل في محبوبته "هريرة" دون أن يرى منها إلا كعبها فقط , وقد لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف النظر بالمناسبة . فتخيل أنه دونجوان لم ير من حبيبته إلا كعب قدم مشوش ومع ذلك أثرى بخياله الخصب الشعر العربى القديم . أراهن أنه لو كان رآها كان ليقسم في سوق عكاظ أنه قد خدع وكان سيطالب بمجلس رئاسى مدنى أيضا .

======================

حبيبتى .. طالما حلمت بك ترقصين مرتدية قبعة القدر .. لذا عندما تتحقق نبوئتى لا تنسى أن تلتقطى لنفسك "سيلفى" أريد أن أتأكد من شكل هذه القبعة .. رجاءا .

======================

أنا فاشل , لكننى أقل فشلا منك . لذا حاول احترام هذا الفارق ولا تتعد حدودك !

======================

كتبت قصة ذات مرة عن فتاة وقعت في غرام شبح حبيبها القديم الذى مات اثر حادث سير , لكن القصة انتهت كالعادة بأنها رفضت استكمال تلك العلاقة لأنها لاتستطيع أن تربط مستقبلها بشبح ! وودعته بالكليشية الأشهر "كل شيء نصيب" . لم أفكر حتى في نشرها . ليست الفتيات بهذا السوء !.

====================== 

حبيبتى .. أعرف أننى كئيب وكائن جدير بالحياه في كهف متواضع على كورنيش الفراغ الكونى , أنا ببساطة لا أجيد التعايش مع الأحلام التي إن لم تتحقق غمرنى الحزن بسببها , أنا اختصر كل هذه الترهات في اكتئابى ! ألا يفسر ذلك كونى مرحا إلى هذا الحد ؟

======================

يالكرمك الزائد ! هذا عشاء يكفى 9 أشخاص ! .. هكذا ضرب لنا الرجل مثلا في الزهد حين تقمص دور الأشخاص التسعة بل وتنازل بطيب خاطر عما كان سيأكله لشخص آخر ضمن المدعوين التسعة أيضا شعر أنه لم يشبع بما فيه الكفاية , ولم يبق للمسكين سوى طبق لامع شديد النظافة . ورغم أنه لم يذق شيئا رفض أن يطلب المزيد .. إنه زاهد بحق .

======================

من الأشياء التي تقهرنى ابتسامة مضيفة الخطوط الجوية وهى تشرح لك استخدام السترة الواقية في حالات الكوارث .. لكن مايزيد القهر قهرا أنها سترة نجاة تتيح لك الطفو فوق المياه رغم أنك تطير فوق صحراء شاسعة . لاتنس أنها تؤكد على أن السترة تحت مقعدك مباشرة , اختلس نظرة سريعة بدافع الفضول لن تجد شيئا سوى كتيب إرشادات لاستخدام نفس السترة.

======================

هل تعرف كيفية التفكير خارج الصندوق ؟ اليك مثال : فى امتحانات البلاغة في اللغة العربية يقول لك العبقرى واضع الامتحان " إنه يركض كالفهد" ثم يسألك بخبث هل هذه الجملة استعارة مكنية أم استعارة تصريحية ؟ فكر اذا خارج الصندوق ولتكن اجابتك أنها استعارة خيالية لأنه لن يتمكن من الركض بسرعة الفهد على الإطلاق .

======================

وصل به اتقان حل ألغاز الكلمات المتقاطعة أيا كان حجمها في أقل من دقيقة , لقد اكتشف أنه ليس من الضرورى النظر إلى معطيات اللغز طالما كان في إمكانه ملئ الفراغات بأى كلمات تطابق المساحة .

======================

حبيبتى .. أنت كل ما أملك في حياتى , انظرى إلى "القايمة" لتتأكدى بنفسك .



Wednesday, March 26, 2014

فايسبوك بالعربى





فايسبوك .. لابد أنك تملك حسابا على فايسبوك وان لم تكن تملك فهناك عالم خفى مثير للسخرية ينقصك اكتشافه بالفعل , لكن هل فكرت مرة في أن تنظر لمستخدميه نظرة أخرى ؟ كيف يستخدموه ؟ مقدار ما يمكنك أن تستفيده من متابعتك لهم ؟ ماهي كمية الأمراض التي يمكنك أن تحظى بها لاصرارك على متابعتهم أيضا ؟ خاصة وأن فايسبوك العربى أصبح مرتعا لمرحلة عمرية معينة مهما حاولت الهروب منها لابد وأن تصادفك رغما عن كل مراحل تصفية الأمان وفرز المحتويات المتاحة .

مثلا مقدار الأصدقاء لدى الفايسبوكيين الجدد يتزايد حسب الاسم والنوع  , الفتى الذى يكون اسمه مثلا دودى الرومانسى ستجد لديه أصدقاء عديدة مثل ماندو الجامد و سعيد الحبوب , وطبعا  ميرو الدلوعة وقلب انثى أو تلك الأسماء ذات الحروف الإنجليزية المزخرفة التي يصعب تذكرها أو قرائتها , ولديهم جميعا صور مشتركة بالنظارات الشمسية العملاقة بالنسبة للشباب أما الفتيات فتجدهن يصورن أرجلهن فقط وطبعا سيتم التعرف عليهن  إن كنت تنتمى مثلى لنادى المتحذلقين والمخضرمين العارفين ببواطن الأشياء اما بنوع الحذاء أو لون ( المونوكير ) او بنسبة ( القشف ) فوق كل قدم  , هذه قدم مديحة لأنها معتادة على إطالة أظافرها حتى وصلت لمرحلة الحوافر المغطاة بطلاء فوشيا , هذه قدم خلود ! من الذى لايعرف قدم خلود ؟ انها عملاقة جدا وينقصها حدوة من ماركة أديداس لتكتمل أناقة المشهد , أما قدم بسنت فهى مميزة جدا , بسنت كما نعلم لم تسمع بعد عن مستحضرات إزالة الشعر ولولا أنها ترتدى صندل حريمى لأجزمنا أنها قدم صديقنا إبراهيم واستغربنا من سر تواجده في صورة كتلك !.

أما صورة "بروفايل" فهى تدل غالبا على شخصيتك إن كنت لست من هواة وضع صورتك الحقيقية . صورة تشى جيفارا تعنى اننى احب ان ينظر لى الأخرون كذلك , فأنا طموح ثائر وادخن السيجار الكوبى  ومازلت مقتنعا أنه كوبى مات فى بوليفيا بغض النظر عن كونه ارجنتينيا فى الأصل واسمه "جيفارا"  وليس "تشى جيفارا". عمرو دياب تعنى انك من جمهور الهضبة وهذا يستقطب نوعا كبيرا من الفايسبوكيين الجدد , اما صورة "تامر حسنى" فهو يعنى انك انسان "خدت مفك فى مشاعرك" . أما صورة العناق الرومانسى لدى الفتيات دليل كاف وقوى انها ( سينجل ) مازالت تنتظر ذلك الفارس الذى سيبدل حياتها , وتلك الصورة الجرافيكية لذلك الشاب الذى تم نزع قلبه وصدره مازال ينزف بذلك الوضع الكارتونى المضحك هو دليل انه شاب ( مخدوع ) يسهر الليل يبكى الفراق واللوعة وقد تقرحت معدته من كمية الشاي المغلى الذى يشربه لكى ينسى.   

أما صور الشخصيات الكارتونية فهى لشخصيات خيالية حالمة أيضا ترفض الواقع أو تنظر لنفسها على أنها لاتنتمى لهذا العالم , كم نحن رائعون وأكبر عيوبنا أننا نملك قلبا طيبا وساذجين لدرجة أن أي بقال يمكنه خداعنا في سعر الجبن الرومى.. نحن ضائعون ولن نجد من يفهمنا , لذلك سنظل في عالمنا .. عالمنا جميل . أما صورة ( شاروخ خان ) تعبر عن حالة الانبهار الكامل بذلك الفتى الوسيم الهندى ناهيك انها تمثل جزءا عملاقا من الخيال عن فتى الاحلام المنتظر . وهى حالة من عدم الواقعية المفرطة , فـ شاروخ خان هندى ! وكذلك بطلة فيلم ( توايلايت ) لاتشهبك بالمرة أيضا .. انظرى لنفسك فى المرآة بعد الاستيقاظ لتعرفى الفارق جيدا . ثم يصادفك الذى يسمى نفسه رباعيا مثل "السيد محمد السيد درديرى"  وهو من الذين يضعون
لقب ( المحامى ) بعد اسمه وصورته دائما هي صورة جواز السفر الخاص به ذات المقاس "4×6" وكأنه يؤكد على هويته .

أما  الاستاتوس فعمقها لايتناسب مع كمية التعليقات او ( لايك ) قدر ما يتناسب مع نوع صاحبها . اترك شابا يكتب رباعية لجاهين فستجد ردين او خمسه كحد اقصى  ومعظمها تهكم من أصدقائه الذكور ,  واترك فتاه تكتب نفس الرباعية مليئة بالاخطاء الاملائية لترى كمية التعليقات  , كم انت رائعة كم انت حساسة , واااااااو جاهين !! كم أعشقه ! وعدد لا نهائي من ( لايك ) و ( فريند ريكويست ) ودائما ما تقابل الشاب الفايسبوكى المتذاكى فهو سيحاول لفت انتباه صاحبة الحساب بأن يثنى على قدرتها الرائعة في تأليف الشعر رغم أنه يعرف أن الشعر لصلاح جاهين , وأيضا ستقابل المتحرش ذو الخلق الحميد الذى يتغزل في صورتك حتى لو كانت صورة جدتك ثم يتبع عبارات الغزل بضرورة الحجاب وربما يعرض عليك الزواج لسترتك . الاستاتوس ايضا لا تعبر عن السن فلا تستغرب أن فتاه فى الخامسة عشرة تكتب حالتها : محدش بينجرح أوى غير لما بيحب قوى . ومن الأشياء التي لايمكن اغفالها حالة ( فى علاقة ) اعلى معلوماتك الشخصية  فهى تعنى ان هناك اثنان يعبران عن حالة ( احنا راسين فى طاقية ) ولا عزاء للحاقدين أيها السناجل . أما فايسبوك المخطوبين هو حالة تستحق الدراسة , هؤلاء القوم لايكفيهم عروض شركات الاتصالات والدقائق والرسائل المجانية ولا يهمهم أن أنظمة الهواتف المحمولة وفرت لهم كل سبل "المحن" من برامج دردشة واتصال صوتى مجانى ويصرون أن يكون فايسبوك شاهدا على مشاعرهم الملتهبة .

فايسبوك السياسيين الجدد جدير أيضا بالاهتمام والملاحظة .. فلايمكنك أن تكون ثوريا دون أن يكون لديك أكثر من "بوست" تمتدح فيه حمدين صباحى وتعتبره أمل مصر القادم ضد موجة الارتداد التي يقودها الفلول , لابد أن تكون ضد ترشح أي شخص آخر لأن حمدين هو الامل , أي كلمة عن رأى الشعب تحيلك إلى محكمة عن الأخلاق ومنذ متى كان الشعب هو صاحب الحق دائما ! ثم تصطدم بمثقف ما يقول لك على سبيل الفخر أن عشرة حمير لايمكنهم أن يكونوا على صواب بالنسبة لرأى إنسان واحد , ولا تحاول أن تسأله عن "بسمارك" صاحب العبارة لأنه قطعا لايعرفه . أما أكثرهم ثورية فهم الذين ينقلون "إفيهات" باسم يوسف كل يوم جمعة ويجبروك على مشاهدة الحلقة بالقوة الجبرية , لايمكنك الاختلاف مع باسم يوسف لأنه منزه عن النقد ولأنه حراق طبعا . تقول لصديقك الملتهب أنه قد روج لأفكار صهيونية في مقال مسروق ! فيجيبك لأنه حراق , لقد عرض خريطة مصر منقوصة ! لأنه حراق .. حلقاته أصبحت تشبه حلقات أحمد آدم على قناة الحياة ! هاهاها لأنه حراق  ..  ستكتشف في النهاية أن باسم يوسف بالنسبة لمعجبيه هو وجبة مجانية من مطعم "تشيليز" كل يوم جمعة ليعوض احساسهم بنقص "الحرقان" على حد تعبيرهم , لكن عليك أيضا كصديق وفى أن تحذرهم من خطورة "الحرقان" على البواسير .

هناك نوع خير لايستحق عناء الذكر فهو لزج وسخيف لدرجة تدفعك دون سابق معرفة لأن تحظره تماما . إنه ذلك النوع الذى يصر أن الشيطان ترك كل مهامه فى الدنيا ونسى مهمته المقدسة التى طرد بسببها من الجنة وتحول من  إغواء الأتقياء الصالحين وتفرغ لإلهائك عن "شير" المحتوى المقصود !.



فايسبوك .. ذلك الموقع الذى يمكنه قتل وقت فراغك ان كنت مثلى تستخدمه للتسلية أو "الرخامة" مع اصدقائك المقربين لتعوض عدم وجودك الفيزيقى معهم يمكنه أن يصيبك بأعراض العته من كثرة ماتشاهده هناك من بلاهة . لكنك لا تملك حق الاعتراض أيضا , فهو مجرد مساحة شخصية لكل فرد ليستخدمها كما يشاء ... للأسف . ولا أملك في النهاية إلا تقديم التحية لهؤلاء الأقلية من البشر الطبيعى الذين يستخدمونه في حدود استخدامه . 

Wednesday, March 12, 2014

امبارح .. كان عمرى عشرين



لقد أشرقت الشمس في حياتى 10,220 مرة , عشت تقريبا 336 شهر , في آخر ست سنوات أي آخر 2,192 يوم قضيت منهم 135 يوم فقط في مصر ! مبارك لى ! .. أنا على مشارف اتمامى العام الثامن والعشرين أي أصبحت طاعنا في السن بما فيه الكفاية. واعذرونى عن لغة الأرقام إن بدت معقدة , لكنها  طبيعة فرضتها المهنة لا أكثر . أذكر في العام 2006 بعد مباراة كأس العالم النهائية بين إيطاليا وفرنسا جلست مع أصدقائى على المقهى نحتفل بالفوز كإيطاليين أكثر تعصبا من سكان روما أنفسهم وكان بجانبنا منضدة حولها أربعة رجال يبدو من هيئتهم أنهم تجاوزوا العقد الرابع , قال أحد أصدقائى أننا يوما سنجلس نفس هذه الجلسة ونحن في نفس أعمارهم نتذكر أننا كنا صغارا يوما ما !

وها نحن نقترب وان كان ببطء من تلك اللحظة التي نتساءل فيها بجدية , هل كنا صغارا بحق ؟ أم أن هذه الذكريات المبعثرة ماهى إلا بعض التخيلات عن ماض لم نعشه من الأساس ؟ ربما عشناه في فترة ما لكن المسافة التي يمكننا أن نقطعها لنتذكر مافيه مرهقة إلى حد يدفعنا للكسل عن البحث , ثم مزيد من الكسل يؤدى لفقدان المزيد من الذكريات وهو ما يدفعك للعودة لنفس السؤال .. هل كنت صغيرا يوما ما ؟ دائرة مغلقة من الجدل البيزنطى.

الحقيقة المجردة بغض النظر عن خاصية تآكل الذاكرة التي تنتعش بعد كل دورة للأرض حول الشمس أننى عشت رضيعا وطفلا وشيطان لزج يجيد تحطيم أي شيء لا ترغب امه في أن يتحطم , ثم شاب يظن أن العالم يتوقف منتظرا لليوم الذى سأتوجه فيه لشباك "شئون الخريجين" لاستلام شهادة التخرج ذات الخط المنمق إياها . استملتها ولم يتغير شيء بالمناسبة. كنت من هواة تحطيم التابوهات في هذه المرحلة وأقسمت أننى لن أعلقها في الصالون بجانب شهادات الأسرة ولم أعلقها فعلا , لكننى ماعدت أذكر أين وضعتها حقا ! فلم يتبق من اثبات اننى حاصل على شهادة البكالوريوس سوى ورقة زرقاء قبيحة الشكل والمحتوى ولن أغامر بإظهارها للنور مهما كلفنى الأمر , والغريب أننى لا أنسى مكانها أبدا !. ورغم ذلك لاتنتظر منى أن أحكى بعضا من ذكرياتى فقد قصصت منها الكثير فعلا , ولاتنتظر منى أن أحدثك عن تجربة فقدان السنين كمغترب لأننى لا أجيد "اصطناع الشجن" أيضا , فقط دع الأيام تمر بسرعة وهدوء حتى يحين موعد الإجازة القادمة . و لنجعل هذه المرة مختلفة قليلا .

في مثل هذا السن يجلس حولك أطفال العائلة بصفتك من أولئك المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء. الأطفال يقدسون السن ويحلمون باليوم الذى يكبرون فيه ليصبحوا مثلنا , ولو أنهم يعرفون الحقيقة لتوقفوا عن تمنياتهم بان يكبروا يوما واحدا فهم لن يصبحوا أبدا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء . نحن نفقد مع الزمن أكثر مما نكتسبه . هذا ما نكتشفه كلما تقدم بنا العمر .

ماذا أفقدك السن ؟ كلما تقدم العمر يضفى عليك الزمن ما يسمونه وقار , وهى أكبر خدعة في التاريخ بعد "حصان طروادة" كخدعة أن الشباب لا يبدأ إلا بعد الأربعين وهى خدعة يقولونها لك أيضا على سبيل المواساة . الحقيقة أن لاوجود لهذا الوقار بل هناك قيود يفرضها عليك المجتمع بحكم أنك أصبحت كبيرا نسبيا في السن . لا يمكنك أن تذهب لمدينة ملاه قاصدا بعض المرح لأنك كبير على هذه التفاهات، حتى لو تغافلت عن تلك الملاحظة لن ترحمك نظرات من حولك خاصة الصغار الذين يتمنون أن يصبحوا في مثل أعمارنا وهم ينظرون إليك كعجوز متصاب لا يحترم وقاره ولا يحترم كونه من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء الذين يشوهون سمعتهم بركوبهم القطار الافعوانى . السن يفقدنا لذة الشعور بالبهجة أيضا ، لن تستطيع الاحتفال بهدف لمنتخب مصر في مرمى الكاميرون كما كنت تحتفل سابقا بالصراخ وانت تقوم ببعض حركات الرقص التعبيرى, وبغض النظر عن عدم إمكانية هز شباك الكاميرون في العصور القادمة لكنك ستكتفى بالتصفيق والابتسام . إنه الوقار كما تعلم.

أما ما نكتسبه حقيقة فهو لعنة منتصف العمر خاصة في الزواج , لن تتمكن من الزواج بفتاة أحلامك لأنها الآن تملك أكثر من طفل أكبرهم يعانى من تعفن في معدته بسبب الإفراط في تناول الإندومى وأصغرهم سيصاب بتخلف عقلى قريبا لإدمانه على مشاهدة برامج الأطفال . ستحمد الله في لحظة ما أنهم ليسوا أطفالك، لكن الحنين القديم مازال يقرع الطبول في أروقة ذكرياتك رافضا الدخول إلى مفرمة النسيان مهما حاولت . أنت في وضع حرج واختياراتك محدودة وليس أمامك سوى أن تتزوج من بسنت التي تصغرك بسبعة أعوام على الأقل , بسنت كما تعلم مولعة بمطربين لم تسمع عنهم من قبل , من هو كيلانى هذا ؟ لقد توقفت معلوماتك الموسيقية عند محمد منير التي تعتبر أغانيه بالنسبة لأبناء الأجيال الجديدة طلاسم فلسفية يصعب التعامل معها , حتى في كرة القدم لن تتمكن من اجتياز حاجزها الزمنى. أنت من جيل حسام حسن وحازم إمام وعبدالستار صبرى وعاصرت مجدى عبدالغنى الذى سجل هدفا مرمى هولندا في يوم مشئوم أصبح به بعد ذلك من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء , هي لم تسمع عن أحمد فيلكس واسحق أول مثلا , لم تعرف أن أيمن منصور كان أوفر المهاجمين حظا على مدار تاريخ اللعبة . ستتعود لأنك مجبر على التعود لكنك لن تستطيع سد الفجوة الزمنية على الإطلاق . لن تجد من هى فى نفس مستوى جموحك الذى يضعك فى مصاف المجانين , وفى المقابل أنت لاترقى لوظيفة فارس أحلام يناسب أمينة رزق فى فيلم بائعة الخبز .

هي وافقت لأنك فرصة جيدة لزوج تقليدى وفرصة مناسبة لأن ترتدى الفستان الأبيض أخيرا وتقذف ببوكيه الورد من خلف ظهرها لصديقاتها اللاتى يعانين تضخم مفرط في الدماغ بسبب كمية الطرح المتراكمة فوق بعضها . وأنت قبلت لأنها من قلائل المختلين الذين يغامرون بالموافقة , كلانا يعرف هذا جيدا لكننا نقنع أنفسنا أن كل شيء سيصبح على ما يرام و سنصل معا لنقطة نقتنع فيها أن زواجنا جعلنا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء .

ربما لم أصل بعد لمرحلة أن اصبح انطوائيا متوحدا مع أوهامى عن تلك الأيام الجميلة التي قضيتها أجوب الشوارع في مرح قبل أن اتحول إلى ذئب بشرى يهوى الوحدة , مازال أمامى الكثير لأحياه ومازال أمامى الكثير لأفعله . أنا لم اتخطى الثلاثين حتى الآن ! رقم 3 في خانة الأرقام العشرية ذو طابع كئيب يذكرك بصبار صحراء المكسيك , قوى لكنه جاف بما فيه الكفاية . لكن مازال أمامى الوقت لكى اتحاشاه وهو سبب جدير بالاحتفال .

السبب الآخر الذى يمكننى الاحتفال بشأنه هو أن هذه التدوينة هي الأولى منذ يوليو الماضى التي لن يتناقلها بعض أنصار الرئيس الأسبق "مبارك" فيما بينهم في مجتمعاتهم المغلقة يقولون أن هذا "الدولجى" السخيف تصور في لحظة ما أن مدونته المهجورة كفيلة لأن يلعب دور الناقد صاحب الرأي لكنه مسكين طبعا , لايعرف أننا من المخضرمين العارفين ببواطن الأشياء ! اعتذر منكم جميعا لو سلبتكم هذه المتعة. لكن اعدكم ان الأمر لن يطول كثيرا , ربما نلتقى في "نوستالجيا" أو هكذا أظن .


Tuesday, March 4, 2014

هوليجانز مضطهدون




تعرف مسبقا معنى "هوليجانز" فلا داع للحذلقة والشرح . وبالمناسبة فالتعصب لايستثنى قطاعا أو ينتمى لقطاع واحد فحسب , كل من حولك اعتبره يحمل الفيروس النشط وبمجرد تحفيزه يبدأ العمل فورا .. لكن لماذا نلوم جماعة المتعصبين ؟ أنا هنا لأدافع عنهم ضد تحفز المجتمع الذى بالكاد يكبح غضبته الجاهلة عليهم , فكل "هوليجان" منهم وراءه حكاية من الاضطهاد التي جعلته كذلك رغم أنه مثل "سلطان" لايحتاج أن يذكره أحدهم أنه مذنب لانه يعرف ذلك في قرارة نفسه , هو يحتاج إلى "يحيى شاهين" الذى يقول له : "انت في بيت الله ياسلطان" ثم يصدح الأذان من حولهم في مشهد درامى نادر يعود بعده سلطان إلى رشده .

لماذا كل هذا التحفز ضد المتعصبين ؟ لماذا نصر أن نستفز غضبهم ثم نلومهم عند الانفجار ؟ علينا أن ندفع الثمن بشجاعة  . وبالحديث عن "الهوليجانز" يجب ان نتذكر بكثير من الإحساس بالخزى من أنفسنا ظاهرة الروابط الجماهيرية "ألتراس" , هم يحبون كرة القدم لذلك يتوجهون للمباريات بالألعاب النارية والدخانية ثم يقف كبيرهم عارى النصف الأعلى معطيا ظهره للعبة التي جاء ليشاهدها ويقضى وقته بين الصراخ وسباب لاعبى ومشجعى الفريق الآخر , وكلما تعاظمت الضوضاء تعاظم احساسهم بقيمتهم .

مجموعة من المتعصبين عرايا النصف الأعلى يتشدقون ببراعتهم في السباب , لماذا لانتركهم وشأنهم فحسب ؟ ثم يقوم اتحاد اللعبة بايقافهم عن حضور المباريات وتقوم قوات الأمن بمطاردتهم بعد أن أفقدهم حبهم لتشجيع اللعبة التي لايشاهدوها من الأساس عقلهم للحظات قاموا فيها بتحطيم بعض المقاعد , هل تكلفة المقاعد المحطمة هي قنابل الغاز والهراوات ؟ ماهى قيمة مقعد بلاستيكى من أموال الدولة مقارنة بمتعة المشجع في تحطيمه لحظة انتشائه بالفوز ؟ ماهى قيمة رجل الأمن إن لم يتحمل سبابه بأمه من مشجع ؟ عليهم أن يتقبلوا الإهانة بترحاب , أين ضبط النفس ؟ على رجل الأمن أن يتحلى بضبط النفس حين يسبه الهوليجانز بأمه وحين يقتلونه بالرصاص أمام منزله دون أن يقاوم أو يعتقل من يقتلوهم لأن الدم كله حرام كما نعلم وهذه طبيعة عمله بالمناسبة وعليهم أن يكفوا عن صناعة الوحش بتعاملهم القمعى القذر ثم يقررون ابادته .

وجدير بالذكر أن مجموعات "التراس" هي من حمت الميدان يوم "موقعة الجمل" التي لم تحدث أصلا من غزو البرابرة المقنعين الذين لم يهاجموا الميدان من الأساس ! لذا فوطنيتهم وانتماؤهم وتحملهم لمسئولية أنهم من الجيل الثائر العظيم ليس محلا للشك .


الهوليجانز المظلومون تاريخيا ليسوا فقط القادمين من مدرجات كرة القدم , الجيل الثائر العظيم هو نفسه مجموعة كبيرة من "الهوليجانز" جمعتهم أحلامهم عن وطن أفضل لذلك دفعهم طموحهم الثورى لتصديق أن هناك رجل ما على كوكب الأرض ثروته تتعدى السبعين مليارا وهذا الرجل المحظوظ لم يكتف بثروته التي سينفقها أحفاد أحفاده لذلك قرر الاستمرار في جمع ثروة أخرى من البلاتين يخبئها بعناية في غياهب خزائن سويسرا دون علم بنوك سويسرا نفسها . ثم تحالفوا مع فصيلهم الوطنى الذى تحالف مع فصيل وطنى آخر اقتحم السجون ليقوم بتهريبهم وصدقوا أن مخطط اقتحام السجون والتى بالصدفة البحتة كانوا متواجدين فيها هو من تدبير أجهزة الأمن القمعية . لقد استوعبوا الدرس جيدا وليسوا على استعداد لتصديق أي شيء فلماذا نلومهم إذن لأنهم لايصدقون مشروع علاجى ؟ لماذا ننفجر فيهم غضبا وسخرية لتناولهم موضوع "علمى" بحت بكل هذا الاستخفاف ؟

ليقولوا أنه كفته , ليقولوا أنه علاج ضأن . لماذا نسفه من تجربتهم المؤلمة في تصديق كل شيء قيل لهم على مدار ثلاثة سنوات ونطالبهم بالصبر حتى يتيقنوا من ماهية العلاج من عدمه كأى صاحب عقل له الحق في الشك حتى اليقين ؟ لقد حاولوا تصديق أن فيلم "الميدان" يمكنه المنافسة في "أوسكار" لكن حتى هذا الحلم تحول إلى كابوس خاصة بعد صورة صناع الفيلم على الكليم الأحمر . دعونا لا نبتز شعورهم بالضآلة ونتركهم لمعاناتهم أو نقدم لهم يد العون و"العلاج" إن أمكن ذلك كمجتمع يحترم مسئولياته .


الهوليجانز كما قلت لايتوقفون عند قطاع بعينه , منهم نوع آخر بالطبع لكنى لا أحب أن أذكرهم بسوء فهم مسالمون ولهم عالمهم الخاص وليس من اللياقة اقتحامه . هم لايعترفون إلا بعودة مبارك وهذا حق مطلق .. ينص الدستور الجديد أن حرية الفكر والإبداع مطلقة ولست ممن يمنع أحدهم من اعتقاد مايريد, لماذا أقول أن عودته أشبه بالمستحيلة وأعود لأذكرهم أنها كأحلام الفصيل الوطنى في عودة الشرعية رغم تأكيدى على الفارق بين الحالتين وفى امكانى أن أصمت لأستريح ؟ لماذا أحاول انتقاد الانتماء لشخص هو نفسه قرر الانتماء للدولة في لحظة فارقة وفى امكانى تجاهل الأمر والحديث عن ألبوم صابر الرباعى الرائع الجديد ؟  هم ينتظرون أن يعود مبارك لتعود مصر كما كانت , حسنا لأكف عن لعب دور السخيف الناقد وأتركهم لشئونهم الخاصة , كلانا واهم في نظر الآخر ولا يوجد أدنى داع لحرق الطاقة داخل خلايا الدماغ لإثبات من هو الواهم الحقيقى . دعهم ينتظرون .. لن أخسر شيئا . ويمكننى من باب المجاملة لمشاعرهم وبطريقة لن تكلفنى شيئا تذكيرهم بعبارة "الزمالك قادم" على سبيل التحفيز , لنكن ايجابيين تجاه بعضنا البعض . ماذا سنخسر ؟



الهوليجانز ليسوا إلا بشرا متعصبين لأفكارهم , ظلمهم المجتمع بنظرته الخاطئة عما يعتقدون أو يؤمنون , لم يحاول الاقتراب منهم لمسافة تسمح له بتقييم أفكارهم بشكل صحيح ثم يعود ليلومهم ويلوم أفعالهم عن كل ما يبادرون بفعله . بئس الجهل السحيق و الظلم "العميق" .. واتقوا الله في "هوليجانز" المجتمعات فهم وقود بناء المستقبل .