Monday, October 1, 2012

المواطــن س




أنا المواطن / س

مصرى الجنسية , أب , لا أملك حسابا بنكيا ممتلئا يضمن لى حياة كريمة لو فقدت عملى , ولم يكن راتبى يكفينى قبل أن أفقد عملى فعلا بسبب الظروف الاقتصادية .
أنا من أولئك اللذين اعتنقوا هتافات العدالة الاجتماعية وحركة كفاية منذ العام 2008 وغامرت بعملى فى اعتصام مجلس الشعب 2010 حين تحدينا كل الظروف المحيطة من أمن وتضييق وغلاء وارتفاع الأسعار الفاحش , لم أكن لأخاف لأننى كنت أعلم أننى على حق وأننى صاحب حق أيضا , فكيف يطلب منى وأنا العامل البسيط وبالمناسبة الذى يحمل شهادة جامعية أن أصبر على وضع مادى لا يكفى بامبرز أصغر أطفالى لمدة شهر ؟ 
الى أن جاء يناير2011 , كنت من أولئك اللذين يتظاهرون فى النهار وأعود لبيتى مع هبوط الليل لحراسة منزلى وأطفالى تاركا الميدان لكاميرات التلفزيون وكبار الشخصيات التى كانت تأتى لالتقاط الصور والرحيل , كان الوطن والبيت أهم من أن أظهر رافعا علامة النصر أمام الكاميرات واهم من أن يصورونى بعلبة كشرى ليثبتوا للعالم أننا لا نأكل الكنتاكى , كنت أعبر عن ضعفى وضيق ذات يدى فقط وكان كلى أمل أن يستمع إلينا من هم فى القيادة ولو لمرة واحدة .

ومع خطاب مبارك الثانى أحسست بجدوى مافعلناه لكن هناك من رأوا انه لابد أن يرحل , لم يكن الأمر بتلك الاهمية بالنسبة لى ان يبقى أو يرحل لان رسالتى كانت واضحة أريد أن أعيش حياة كريمة وان البى طلبات اطفالى دون اى شعور بالعبء , فمن حقه أن يكون له ملابس جديدة فى الأعياد ومن حقه أن يحظى بتعليم جيد , لكن هناك من رأو انه لابد أن يرحل وأعلنوا التصعيد , ومع التصعيد بدأ صوت من هم مثلى يخفت ويختفى حتى تلاشى تماما من الساحة , وأصبح الصراع قاصرا على تولى دفة القيادة وأيهم يرسم الطريق الصحيح , لم أعد أنا ومن هم فى حالتى محور الاهتمام ومع الوقت بدأت أفهم اننا كنا طعما رمى بنفسه فى سذاجة وغباء فى شباك المتاجرين بالأحلام , لقد صوت بنعم فى التعديلات الدستورية لأننى أثق فى قواتى المسلحة وقدرتها على القيادة وليس لأننى أريد دخول الجنة فالدين لا يجبرنا على التصويت لدخول الجنة ونعرف منذ كنا صغارا ان الجنة نتيجة للعمل الصالح وليس التصويت , كما كان يشعرنى بالاشمئزاز ابتزازى بدماء الضحايا والمصابين لكى أقول لا , وكأن هناك من أصبح يملك حق التجارة بالدم ومع ذلك هناك من اتهمنى بالسطحية والغباء وهناك من طالب بحرمانى من حق التصويت لأن الفقراء خطر على البلاد وكأننا وباء أو خيل لهم أننا نبيع كرامتنا من أجل وجبة ما , ابتعدت عن الساحة بارادتى فقالوا عنى أننى من السلبيين أرباب الكنب , وعندما كانت الفوضى فى سبيلها للانفلات قلت أن الوطن لن يحتمل , فقالوا أننى من الفلول وعبيد العسكر , فالثورة فى  نظرهم أن تكون فوضويا رافضا لكل شي والا تصبح من الفلول والخانعين 



تأتى الحكومة فلا تنظر لى وترحل لتأتى حكومة أخرى لاتنظرى لى ايضا  لانشغالها بفض النزاعات السياسية ومحاولة انقاذ البلاد من حافة الافلاس , ومجلس الشعب الذى ظنناه طوقا لم يهتم الا بسحب الاموال والادوية على سبيل السلف وبمحاربة من كانوا يحاولون ايهامنا انهم من الفاسدين حتى تم حله , وتأتى الانتخابات الرئاسية لأعود لدائرة الاهتمام ولكن بشكل مخز , انا ضيق اليد لكنى لست متسولا كى أبيع عقلى بالتموين ,
 واللعبة باتت كقديمتها تتاجر بالأعصاب والعقول , والحرب بين الثورة والفلول .

لينجح من ينجح , أنا أريد أن أشعر أننى أتحسن , كنت انتظر الفائز أيا من كان ليثبت لى ومن هم مثلى أن هناك شيئا يتغير ولو ببطء , لكن شيئا لم يحدث , لدرجه تشعرك أن عاما ونصف مروا هباءا اللهم الا من أجل أن يعتلى فريق ما للحكم , نفس السياسات , نفس الطباع , نفس طريقة التصرف , يقول الوزير اننا على حافة الافلاس ومع ذلك موكبه يتكلف اضعاف مرتبى يوميا ولكنى لابد وان اتحمل حتى لو اقتربت انا من حافة التسول , لايهم , المهم ان تبدو الحكومة حكومة ثورية والرئيس رئيس ثورى وان مائة يوم من الاستهبال وتغيير اسماء المشاريع القديمة لتبدو وكأنها ضمن انجازات الرئيس كفيلة بخداعى , لست على هذا القدر من البلاهة ولست من المغفلين لابتلاع هذا الطعم , الحكومة برأسها الأكبر والأصغر يحاولون استرضاء من توقفت بهم الحياة عند هتاف يسقط العسكر واستمالة المعارضين , لابد أن يكون سقف الوهم يتسع لكى نقف تحته جميعا لنشهق بالاعجاب للقائد الجديد ..

لم يتغير شيء ويبدو أنه لن يتغير الآن على الأقل , ويبدو أننى توهمت ان الوقوف فى الميدان كفيل بتحسين أوضاعى , انتهت الثورة وانتهى اصحاب الهتافات من صخبهم وعادت المواكب والحراسات وعادت الجرائد تتملق أحذية السلطة وعاد الاعلام يتحسس كلماته .
فلا خبزا أكلنا ولا عدالة تحققت ولا حرية انتزعت , تغيرت الوجوه وبقيت كما أنا .



أنا المواطن / س


مصرى الجنسية , أب تعدى مرحلة الإفلاس , لم يعد يهتم لا بثورة ولا بأنطاع سموا انفسهم ثوارا , وسيقاتل من أجل أطفاله وحقهم فى حياة بعيدة عن حافة البؤس والشقاء على الأقل , أعلم أن هناك الكثيرين مثلى وأعلم أن الزمن لايشير للعام 2012 الآن , يبدوا لي وكأننا فى 2008 من جديد .


K@ReeM

No comments: