Monday, December 31, 2012

ثلاثة دقائــق





الكورنيش لم يتغير بعد , بائعو أى شيء بالسكر وكل شيء بالملح مازالوا فى أماكنهم
فلوكات النيل خاوية من الركاب وزاخرة بالتلوث السمعى على غرار أجوجوجوجو و الست لما وهذا الهراء , لافتات الدعاية الانتخابية مازالت هناك لتثير فى نفسك الاشمئزاز , لفت نظرى ملصق لمحمد مرسى كتب أحدهم عليه لن يحكمنا ( استبن ) فرد آخر عليه على نفس البوستر .. الرئيس مرسى يحكم وموتوا بغيظكم .. تقريبا كل الهراء هو نفسه لم يتغير ولم تمتد إليه تلك اليد العابثة حتى الآن وهو ما يثير فى نفسك التساؤل .. لماذا كل ما يستحق العبث لا يعبث به أحد ؟ لايهم .

جلست على الكورنيش وأشعلت سيجارتى وأخذت أنفث دخانها فى تأمل وظهرى للنيل طبعا حتى أتلاشى النظر إلى كومات القمامة الملقاة على ضفتيه والتى يتحاشاها أيضا هؤلاء العشاق برؤوسهم المتقاربة وأفواههم التى لا تمل الثرثرة سواء كانت ثرثتها همسا او ضحكات رقيعة مجلجلة , النتيجة فى النهاية ضوضاء لايمكنك أن تتبين أى حرف منها على الإطلاق , نفس آخر أنفثه بتأمل و أنا أفكر , مازلت ذئبا وحيدا وحالتى العاطفية بؤس , مراكز العاطفة ذاتها قد تلفت تماما إلا تلك الخلية التى مازالت مثل فنارة فى قلب محيط , هى الوحيدة التى حركت فى داخلى شيئا ما ... ليست الخلية طبعا ., انها صاحبة الفضل فى بقاء خلية ما فى جميع مراكز الحس العاطفى التالفة تعمل بكفاءة لدرجة تقودنى كل يوم إلى نفس المكان فى نفس التوقيت لأجلس نفس الجلسة لنفس المدة التى لاتتجاوز الدقائق الثلاث لأنظر إليها وهى تعبر أمامى , وما ان تظهر كالفراشة قادمة من بعيد يتبدل بى الكون فى لحظات , لا أشعر برائحة القمامة  حتى نبات ورد النيل أراه بستانا تتباين ألوانه فى انسجام , بوستر محمد مرسى فجأة يصبح شيئا رومانسيا بخلفيته الحمراء فاقعة اللون , ثرثرة العاشقين من حولى تصبح لحنا ديناميكيا يعلو ويتسارع كلما اقتربت بخطواتها الرشيقة , وما ان تمضى حتى تعود كل الأشياء لذات القبح وكأنها سندريلا تضفى بسحرها جمال على أى شيء .

سيجارة أخرى تشتعل .. لابد من أن أحسم قرارى الآن  فلن أخسر شيئا , ان لم تكن تشعر بى فهو شيء متوقع , وان كانت تفهم ما وودت أن أبوح لها به فهى السعادة وقد تجسدت حقا , لن أخسر شيئا , لن اخسر شيئا , أخذا أرددها فى نفسى على أمل أن ترتفع معنوياتى كما يدعى محترفى الاحتيال تحت عباءة التنمية البشرية , لن اخسر .. لن أخسر ,, لن ,, لحظة لقد ظهرت , لقد انهارت معنوياتى ويبدو أن كل محتالى التنمية البشرية على حق , تماسك .. تماااااااسك , الوضع ليس بهذه الخطورة
حين تقترب سأقف على مسافة تسمح لى بان استوقفها , ابتسم لها وأحييها , اقوم بحك مؤخرة رأسى باصابعى لاسترعى انتباهها اكثر فهى حركة مجربة وناجحة فى معظم الافلام الهندية , ثم اقول لها
انا بحبك يا بسنت , وطبعا قبل أن تنطق بحرف سأتابع قائلا : مش عاوزك تردى دلوقتى .. فهى حجة ناجحة لكى أرها مرة اخرى ... والآن راجع التعليمات مرة أخرى بتأن وبدقة . تأتى اقف اهرش اقول تندهش , تأتى أقف اهرش أقول تندهش .. حسنا الآن , استعد يا فتى حانت اللحظة .

كانت تقترب بخطواتها الثابتة الرشيقة كعادتها , وقفت أمامها على مسافة تسمح لها برؤيتى وانا استوقفها , لوحت لها بيدى , لحظة .. لقد خلعت عن عيناها نظارتها الشمسية ونظرت نحوى مبتسمة , تدفق أيها الأدرينالين فهذا وقتك لوحت لها مجددا بشكل اكثر جنونا , فلوحت لى بدورها .
رفقا أيتها الأرض تماسكى أرجوك ولا تفلتى قدماى المتشبثتان بك , المسافة أقل من 10 خطوات وعقلى يرسم كل أنواع الكلام ويتخيل شتى المواقف , ترى ياحبيبة قلبى هل تحبين القهوة ؟ لا ؟ وانا أيضا , كرهتها الآن فجأة , لا احب مترو الانفاق لانه يشعرنى بالاختناق , ماذا ؟ يوفر لك الوقت ؟ انه وسيلة مواصلات ناجحة جدا , المترو هو اعظم اكتشاف بعد الكهرباء ولا اتخيل حياتى من دونه , ترى هل قلتى نعم للدستور ؟ نعم ؟ فعلا لابد ان تستقر البلاد وعلى البراضعى وحمضين والفلول الصمت للأبد , ماذا ؟ قلتى لا ؟ كنت أشعر بأن نبضاتك المتسارعة تخفى روحا ثورية عميقة , ولا أعرف كيف ينام أحدهم والمرشد هو من يحكم البلاد ! 
خطوتان تفصلنى عنك يا حلم حياتى , مدت يدى أحيها فبادرتنى وقالت بصوت آسر متناغم : هاى
هاى يا بسنت انا كـ ... لحظة , انها لم تلحظ وجودى حتى ! نظرت خلفى فوجدتها تعانق صديقتها الأنتيم التى كانت تنتظرها خلفى مباشرة , وعيون كل الواقفين تنظر نحوى بسخرية لا حدود لها , حتى ذلك المتسكع الذى كان يبول فى النيل ينظر لى بشماته .. أيتها الأرض ابتلعينى رجاءا .



K@ReeM

1 comment:

nady said...

ههههههههههه
رائعة
........
والحمد لله ان الامر لم يتم
فيكفى انها قالت نعم لمرسى
وماذا قالت الصناديق؟
نااااعااااااااااااام
:)