Thursday, January 10, 2013

مجـرد حالـة





الأيام غالبا ما تتشابه , السبت لا يمكن أن يختلف عن يوم الأربعاء إلا لو كان احداهما يرتدى جينزا وهو أمر مستبعد , يوم الجمعة لا يمثل اختلافا أيضا فكل جمعة على مدار عامين حملت اسما معينا بغض النظر عن كونه يوم الجمعة وبغض النظر أنك قد تم استهلاكك بالكامل قبله وستستهلك بالكامل بعده فهو مثل الفاصلة بين الجمل ليس أكثر .

والأيام فى تشابهها تنزع منك حالة الترقب للمفاجآت , المستقبل ببساطة هو ماض لكنه لم يأت بعد , انظر إلى ماضيك ستعرف ما هو فى انتظارك لكن بكثير من التجميل وعليك أن تنمى قدرتك على الملاحظة لا أكثر .. سيكون هناك نفس فنجان القهوة الخال من السكر على الرغم من تأكيدى أننى أريده سكر زيادة .
ولا بأس من بعض قيود اليومية العملاقة التى يتم اغلاقها فى حساب الصندوق وكأنه بالوعة تمتص كل ماهو مدين , علم المحاسبة نفسه علم ممل ويحاول اقناعك أنه مختلف ومميز لكنه فقط للتبويب مهما اختلفت تفريعاته , سيفهم قصدى أصدقائى التجاريين لو قارنا قائمة الدخل بطريقة الجرد المستمر وقائمة الدخل بطريقة الجرد الدورى , فقيمة التغير فى مخزون البضاعة تعطى نفس الناتج من حساب الفرق بين مخزون أول المدة و آخر المدة اللهم إلا كان القصد هو تعليمك طريقة ( ودنك منين يا جحا ) ليس اكثر . أو تعليمك كيفية اخفاء التلاعب فى حسابات المخزون لتصبح مختلسا له شأن فى المجتمع

سوف تحمل قائمة مشغل الموسيقى نفس المقطوعات لاننى لا امتلك غيرها , فيفالدى و موتسارت وباخ وعمر خيرت والشريعى  وبعض مقاطع الاسترخاء والتأمل التى اسمعها بإدمان , ولا بأس من بعض ملحميات أوكا وأورتيجا على سبيل الكوميديا .. لم أعد مهتما بالأغان منذ زمن فمحتويات ألبوم عمرو دياب او تامر حسنى او حماقى القادم متوقعة غالبا فسيحتويان على اغنيتان ليس لهم أدنى داع الا ملئ الفراغ على السى دى , اغنيتان حزينتان , أغنية رومانسية لزوم رقصة ( سلو ) فى زفاف ما , وهذا يثير ملاحظة تتجلى أمامنا ونتجاهلها لكى لا نخرق تابو مجتمعى هام جدا وهو ( الفرح ) وهو باختصار عبارة عن يوم صاخب تدفع له تكاليف باهظة ليستمتع أصدقاؤك برسم ذكريات ( أبيحة ) على مؤخرة بنطلونك متظاهرين ان لا أحد يراهم وانهم فى قمة العبقرية  ولكى تتسنى لهم الفرصة فى مغازلة صديقات العروسة اللاتى بدورهن يتابرزن فى اختراع اكبر كمية من الطرح فى ربطة واحدة بطريقة تذكرك بأدمغة المخلوقات الفضائية فى فيلم مارس أتاكس وهن دائما مشغولات بفستان العروسة وتعديل وضع ( ام الطرحة ) كل 5 ثوانى 

وجميعهن بالمناسبة يعانين حالة متقدمة من الرهاب المجتمعى فكلما تسلطت أضواء كاميرا الفيديو عتيقة الطراز نحو احداهن  لتكتشف فجأة أن هناك رسالة لم تقرأها على المحمول أو ان شيئا وقع منها فتنزلق تحت الطاولة أو تكتفى بتغطية وجهها ببراءة .. المعازيم أنفسهم حالة تستحق الدراسة , فكأنك دعوتهم لحضور زفافك لتقييم خدمة البوفية , فالساليزون يبدو مهترئا وقطعة البيتزا كانت خالية من البسطرمة اما الجاتوه فهو ردئ لأنك عريس سافل بخيل وبتسترخص . عليك أن تطعمهم من لابوار أيها المنحط , ولا يتقفون عند هذا الحد فقط , لكن دائما العروسة وحشة وفستانها أقصر من اللازم وماكياجها صارخ عن اللازم , وهو فى عريس يلبس بدلة بتلمع ! وشبان أخر زمن وايه المسخرة دى ! كل تلك الملاحظات وهم ممسكون بزجاجات الكولا يجرعون منها فى نهم ولا يتوقفون عن مناداة الجرسونات بحجة أنهم لم يحصلوا على حاجة ساقعة حتى الآن .. أما مايقتلهم غيظا هو همساتك فى أذن زوجتك فيكادوا يدفعون من أعمارهم لمعرفة ماتقولنه فى تلك اللحظات . 

اللحظة الكبرى تأتى عند تقطيع التورته وهى لحظة مفضلة لدى الكثيرين عندما يتعمد السخيف الذى يمسك بالشوكة تقريب المسافة بين العروسين ليوهم الحاضرين انه نمس ويوهم العريس نفسه انه مغلوب على أمره كل مايريده هى تلك القطعة الصغيرة من الكعكة وكأنه يتضور جوعا وعندما يحدث ما يريده الجميع وتتلامس شفاه الزوجين يشير السخيف للحضور بالتصفيق اما العريس فترى فمه وقد اتسع لأذنيه وهو يلوح قائلا غصب عنى غصب عنى , والعروسة المسكينة التى تحاول اقناعنا انها تفاجأت تقوم بمسح فمها بهيستيريا وكأن أصابها الجذام فجأة .. لماذا كل هذا التصنع ! انتم متزوجون بالفعل !.

 أما الذكرى العظيمة وهى شريط الفرح نفسه فهو يصنف ضمن قائمة ( محتوى سخيف ) نفس المقدمة فى كل شريط وهى عبارة عن قرص شمس وقت الغروب تظهر عليه تدريجيا وجه زوجتك العزيزة , ثم فاصل طويـــــــــل من مجموعة مختارة من الهبال الحركى يقوم به أصدقاؤك طبعا بجانبه حلقة صغيرة من صديقات المدام كلهن خجولات وكلهن يرقصن ببراعة سامية جمال فى نفس اللحظة .. ثم يعود وجه زوجتك للظهور بخدع رخيصة على بوكية ورد تصورت معه ألاف الزوجات من قبل .. كل ما تناله من هذا اليوم الصاخب هو كوب عصير عطن الرائحة ومسموح لك برشفة واحدة فقط لزوم التصوير ثم يقوم مدير القاعة بسحبها منك وكأنها عهدة ..

هذا يقودنا للحديث عن الحب نفسه وهو مهما بلغ من ذروته يتعرض لمنحنى الملل والتكرار وتوقع القادم , هى غاضبة منك فتغلق الهاتف لتظل انت حسب التعبير العام ( تاكل فى نفسك ) ثم تفتحه لترد عليك بلهجة باردة تخبو بمرور الوقت و استخدام بعض ( المحلسة ) لتصبحان سمنة على عسل من جديد استعدادا لمشكلة جديدة ستنتهى بنفس الطريقة أيضا . كل أنواع الشجار الأسرى تبدأ من لاشيء وتنتهى لـ لا شيء أيضا , لابد أن ينتهى الخصام الذى بدأ لسبب تافه وكنا تافهون بما فيه الكفاية لأن اكسر لك مزهرية أمك وأن تسكبى زجاجة الشاور جيل الخاص بى فى المرحاض , لابد وأن نكون أكثر نضجا , ثم تعود التفاهة للظهور لتخبو وتظهر نغمة الحكمة .. ما من شيء يتغير .. على الإطلاق

السياسة نفسها سيل من الملل والتفاهة والابتذال , وقد ظهرت قمة الاستخراء السياسى إبان الانتخابات الرئاسية حين اقنع الأنطاع انفسهم أن مصر يمكن ان تنتصر بالليمون , لترى قامات تحط من قدر أنفسها بشكل لم يتمناها اشد الناس عداءا لهم , لكن لابأس أن نعبث بمصير الأمة على سبيل التحدى واثبات الرجولة , ماذا عن دستور بعد منتصف الليل ؟ دستور البلاد يعد بعد الساعة الثانية صباحا والشعب أما نائم أو مشغول بالانجاب .. ماذا عن الاستفتاء نفسه ؟ وماذا عن كوميديا الاشراف القضائى وتسويد البطاقات وصناديق السوبر ماركت ؟ ثم يظهر من يحاول ان يقنعنا أنه شريف .. شريف مدكور .. شريف منير .. ؟
اى شريف تحديدا ؟
وياللبراءة عندما يتصور البعض ان الحل فى الانتخابات التشريعية , أنا حقا أعترض .. افتراض النزاهة فى عباقرة التزوير شيء مخجل , وافتراض قوة الارادة الشعبية التى زورت فى الاستفتاء شيء مضحك
لان من استباح اللعبة لايمكنه ان يتخلى عنها بسهولة .. والمطابع الأميرية مستعدة دائما لتلبية نداء الوطن .

ماذا عن الملل المرئى والمسموع ؟ ريم ماجد لم تختلف كثيرا ولم تشفى بعد من حساسيتها المفرطة تجاه أى زى عسكرى , عاد توفيق عكاشة ليسيطر على فراغ لم يستطع أرباب العلم والثقافة من استغلاله , افيهات قناة الحلبة تلقى رواجا لدى الناس وكل الأطفال يقولون الآن يادلع دلع هات بمب العيد وولع بعد أن ظل كابتن ممدوح فرج يبهرنا بالبوم سلام والهوبا سوفليكس والطربل اتش والاندرتـكه , كابتن ممدوح ظل يحاول أن ينطق الأسماء بلسان بريطانى فخم فما قدم لنا إلا تشويها للغة ولم يستقى منه الناس الا هذا التشويه لدرجة دقعت متصل ( حقيقة ) لأن يطلب مبارة بين الاندرتــكه والحانوتى ..
قناة الحافظ ؟ الحافظ لم تتغير لكن الاهتمام بها هو الذى تزايد بعد أن تعرت التيارات المتأسلمة من غطاء التعاطف الشعبى ليس أكثر . لا شيء يستطيع الصمود أمام نداء المصلحة فهى تشبه عوامل التعرية فى الطبيعة ولا يمكنك مهما بلغت من الذكاء والحرص أن تخفى نواياك , لابد وأن تظهر .. هكذا الحال مع تلك التيارات وقنواتها .

باختصار كل شيء متكرر وبلا أى تجديد يذكر , كل شيء يوجهك نحو حافة الملل بقيادة جنونية
حتى أنا نفسى مثال حى لتراكم التكراريات المملة و أحاول أن اقنع نفسى فى كل مرة أنظر فيها للمرآة أن فروة رأسى مازالت تمسك بصيلات الشعر بقبضة حديدية و أن كل ما افقده من شعر وبداية ظهور فروة رأسى فى المرآة هو نتيجة سوء الأحوال الجوية أو التزامى بارتادء ( الكاب ) يوميا منذ المرحلة الثانوية وليس كل ما افقده هو مقدمة لنشاط الجين الخاص بصلع الرجال .



K@ReeM