Tuesday, March 4, 2014

هوليجانز مضطهدون




تعرف مسبقا معنى "هوليجانز" فلا داع للحذلقة والشرح . وبالمناسبة فالتعصب لايستثنى قطاعا أو ينتمى لقطاع واحد فحسب , كل من حولك اعتبره يحمل الفيروس النشط وبمجرد تحفيزه يبدأ العمل فورا .. لكن لماذا نلوم جماعة المتعصبين ؟ أنا هنا لأدافع عنهم ضد تحفز المجتمع الذى بالكاد يكبح غضبته الجاهلة عليهم , فكل "هوليجان" منهم وراءه حكاية من الاضطهاد التي جعلته كذلك رغم أنه مثل "سلطان" لايحتاج أن يذكره أحدهم أنه مذنب لانه يعرف ذلك في قرارة نفسه , هو يحتاج إلى "يحيى شاهين" الذى يقول له : "انت في بيت الله ياسلطان" ثم يصدح الأذان من حولهم في مشهد درامى نادر يعود بعده سلطان إلى رشده .

لماذا كل هذا التحفز ضد المتعصبين ؟ لماذا نصر أن نستفز غضبهم ثم نلومهم عند الانفجار ؟ علينا أن ندفع الثمن بشجاعة  . وبالحديث عن "الهوليجانز" يجب ان نتذكر بكثير من الإحساس بالخزى من أنفسنا ظاهرة الروابط الجماهيرية "ألتراس" , هم يحبون كرة القدم لذلك يتوجهون للمباريات بالألعاب النارية والدخانية ثم يقف كبيرهم عارى النصف الأعلى معطيا ظهره للعبة التي جاء ليشاهدها ويقضى وقته بين الصراخ وسباب لاعبى ومشجعى الفريق الآخر , وكلما تعاظمت الضوضاء تعاظم احساسهم بقيمتهم .

مجموعة من المتعصبين عرايا النصف الأعلى يتشدقون ببراعتهم في السباب , لماذا لانتركهم وشأنهم فحسب ؟ ثم يقوم اتحاد اللعبة بايقافهم عن حضور المباريات وتقوم قوات الأمن بمطاردتهم بعد أن أفقدهم حبهم لتشجيع اللعبة التي لايشاهدوها من الأساس عقلهم للحظات قاموا فيها بتحطيم بعض المقاعد , هل تكلفة المقاعد المحطمة هي قنابل الغاز والهراوات ؟ ماهى قيمة مقعد بلاستيكى من أموال الدولة مقارنة بمتعة المشجع في تحطيمه لحظة انتشائه بالفوز ؟ ماهى قيمة رجل الأمن إن لم يتحمل سبابه بأمه من مشجع ؟ عليهم أن يتقبلوا الإهانة بترحاب , أين ضبط النفس ؟ على رجل الأمن أن يتحلى بضبط النفس حين يسبه الهوليجانز بأمه وحين يقتلونه بالرصاص أمام منزله دون أن يقاوم أو يعتقل من يقتلوهم لأن الدم كله حرام كما نعلم وهذه طبيعة عمله بالمناسبة وعليهم أن يكفوا عن صناعة الوحش بتعاملهم القمعى القذر ثم يقررون ابادته .

وجدير بالذكر أن مجموعات "التراس" هي من حمت الميدان يوم "موقعة الجمل" التي لم تحدث أصلا من غزو البرابرة المقنعين الذين لم يهاجموا الميدان من الأساس ! لذا فوطنيتهم وانتماؤهم وتحملهم لمسئولية أنهم من الجيل الثائر العظيم ليس محلا للشك .


الهوليجانز المظلومون تاريخيا ليسوا فقط القادمين من مدرجات كرة القدم , الجيل الثائر العظيم هو نفسه مجموعة كبيرة من "الهوليجانز" جمعتهم أحلامهم عن وطن أفضل لذلك دفعهم طموحهم الثورى لتصديق أن هناك رجل ما على كوكب الأرض ثروته تتعدى السبعين مليارا وهذا الرجل المحظوظ لم يكتف بثروته التي سينفقها أحفاد أحفاده لذلك قرر الاستمرار في جمع ثروة أخرى من البلاتين يخبئها بعناية في غياهب خزائن سويسرا دون علم بنوك سويسرا نفسها . ثم تحالفوا مع فصيلهم الوطنى الذى تحالف مع فصيل وطنى آخر اقتحم السجون ليقوم بتهريبهم وصدقوا أن مخطط اقتحام السجون والتى بالصدفة البحتة كانوا متواجدين فيها هو من تدبير أجهزة الأمن القمعية . لقد استوعبوا الدرس جيدا وليسوا على استعداد لتصديق أي شيء فلماذا نلومهم إذن لأنهم لايصدقون مشروع علاجى ؟ لماذا ننفجر فيهم غضبا وسخرية لتناولهم موضوع "علمى" بحت بكل هذا الاستخفاف ؟

ليقولوا أنه كفته , ليقولوا أنه علاج ضأن . لماذا نسفه من تجربتهم المؤلمة في تصديق كل شيء قيل لهم على مدار ثلاثة سنوات ونطالبهم بالصبر حتى يتيقنوا من ماهية العلاج من عدمه كأى صاحب عقل له الحق في الشك حتى اليقين ؟ لقد حاولوا تصديق أن فيلم "الميدان" يمكنه المنافسة في "أوسكار" لكن حتى هذا الحلم تحول إلى كابوس خاصة بعد صورة صناع الفيلم على الكليم الأحمر . دعونا لا نبتز شعورهم بالضآلة ونتركهم لمعاناتهم أو نقدم لهم يد العون و"العلاج" إن أمكن ذلك كمجتمع يحترم مسئولياته .


الهوليجانز كما قلت لايتوقفون عند قطاع بعينه , منهم نوع آخر بالطبع لكنى لا أحب أن أذكرهم بسوء فهم مسالمون ولهم عالمهم الخاص وليس من اللياقة اقتحامه . هم لايعترفون إلا بعودة مبارك وهذا حق مطلق .. ينص الدستور الجديد أن حرية الفكر والإبداع مطلقة ولست ممن يمنع أحدهم من اعتقاد مايريد, لماذا أقول أن عودته أشبه بالمستحيلة وأعود لأذكرهم أنها كأحلام الفصيل الوطنى في عودة الشرعية رغم تأكيدى على الفارق بين الحالتين وفى امكانى أن أصمت لأستريح ؟ لماذا أحاول انتقاد الانتماء لشخص هو نفسه قرر الانتماء للدولة في لحظة فارقة وفى امكانى تجاهل الأمر والحديث عن ألبوم صابر الرباعى الرائع الجديد ؟  هم ينتظرون أن يعود مبارك لتعود مصر كما كانت , حسنا لأكف عن لعب دور السخيف الناقد وأتركهم لشئونهم الخاصة , كلانا واهم في نظر الآخر ولا يوجد أدنى داع لحرق الطاقة داخل خلايا الدماغ لإثبات من هو الواهم الحقيقى . دعهم ينتظرون .. لن أخسر شيئا . ويمكننى من باب المجاملة لمشاعرهم وبطريقة لن تكلفنى شيئا تذكيرهم بعبارة "الزمالك قادم" على سبيل التحفيز , لنكن ايجابيين تجاه بعضنا البعض . ماذا سنخسر ؟



الهوليجانز ليسوا إلا بشرا متعصبين لأفكارهم , ظلمهم المجتمع بنظرته الخاطئة عما يعتقدون أو يؤمنون , لم يحاول الاقتراب منهم لمسافة تسمح له بتقييم أفكارهم بشكل صحيح ثم يعود ليلومهم ويلوم أفعالهم عن كل ما يبادرون بفعله . بئس الجهل السحيق و الظلم "العميق" .. واتقوا الله في "هوليجانز" المجتمعات فهم وقود بناء المستقبل . 

No comments: